هل تتذكر الهلع الكبير من التضخم في العام 2010-2011؟ إنها حلقة تستحق العودة إليها، لأن هناك احتمالاً معتبراً لأن نرى تكراراً لذلك السيناريو خلال العام المقبل أو نحوه. 
بعد أن أدت أزمة 2008 المالية إلى إغراق أميركا في ركود اقتصادي عميق، حاولت كل من إدارة أوباما و«الاحتياطي الفدرالي» تحفيز الاقتصاد، فأنفقتا مئات المليارات على عدد من البرامج واشتريتا ما قيمته تريليونات الدولارات من السندات. وهناك إجماع اليوم بين الاقتصاديين على أن تلك الجهود كانت مفيدة، لكن يُعتقد على نطاق واسع أيضاً أنها كانت غير كافية. 
غير أنه على اليمين، هناك اعتقاد راسخ بأن «الحكومة الناشطة» سيئة دائماً، حتى خلال الأزمات. ولهذا كانت هناك تحذيرات كثيرة من أن هذه الجهود الرامية إلى إنقاذ الاقتصاد ستؤدي إلى انفلات التضخم. وبحلول منتصف 2010، كان هناك شعور ملموس بالإحباط بين بعض المحافظين لأن التضخم المتوقع لم يتحقق في الواقع. ثم جاءت بضعة أشهر بدا فيها أن التضخم آخذ في الارتفاع على كل حال. إذ بلغ تضخم أسعار الاستهلاك 4% تقريباً، وارتفع الرقم القياسي لأسعار الجملة إلى رقمين، كما ارتفع متوسط سعر السلع مثل الزيت وحبوب الصويا بـ40% تقريباً خلال عام. ثم أخذ «الجمهوريون» يصوّبون سهام انتقاداتهم نحو رئيس الاحتياطي الفدرالي «بن برنانكي»، معتبرين أن جهوده يمكن أن تؤدي إلى «إضعاف العملة». 
لكن «الاحتياطي الفدرالي» بقي ثابتاً على نهجه ولم يغيّر سياسته، محتجاً على نحو صحيح بأن ارتفاع الأسعار مجرد شيء استثنائي عابر، وليس مؤشراً على «التضخم الركودي» (التضخم المصحوب بركود اقتصادي) من النوع الذي حدث في السبعينيات. ثم سرعان ما انحسر التضخم، وبقي منخفضاً منذ ذلك التاريخ. 
الآن، ها نحن أمام المشهد نفسه تقريباً من جديد. فلا شك أن «خطة الإنقاذ الأميركية» البالغة قيمتها 1.9 تريليون دولار ستحقق الكثير من التنشيط الاقتصادي. والجميع تقريباً، من الخبراء الأفراد إلى «الاحتياطي الفدرالي» نفسه، يتوقعون طفرة اقتصادية، مع نمو الاقتصاد الأميركي بمعدلات لم نر لها مثيلاً منذ الثمانينيات. كما أنه من شبه المؤكد أن يكون هناك ارتفاع في التضخم قد يتجاوز معدل 2% سنوياً، وهو ما يمثّل هدفاً لـ«الاحتياطي». 
وفضلاً عن ذلك، سيؤدي ارتفاع التضخم، بدوره، إلى حديث عن عودة إلى التضخم الركودي من جديد. والواقع أن هذا الحديث بدأ بالفعل منذ بعض الوقت. وعليه، فإليك الطريقة لتحافظ على هدوء أعصابك عندما ترتفع حرارة عناوين وسائل الإعلام بشأن التضخم. 
الشيء المهم الذي ينبغي أن تفهمه هو أن هناك نوعين من التضخم. فأسعار بعض السلع، مثل الزيت وحبوب الصويا، تتقلب دائماً، إذ تتغير من يوم لآخر، بل من دقيقة لأخرى، نتيجة تغيرات العرض والطلب. والتضخم في هذه السلع يأتي بسهولة ويذهب بسهولة، فالأسعار قد ترتفع بسرعة عندما يكون الطلب مرتفعاً أو العرض محدوداً، لكنها يمكن أن تهبط بحدة وبالسرعة نفسها عندما تتغير ظروف السوق. 
غير أن أسعاراً أخرى، بما في ذلك أسعار اليد العاملة (يعني الأجور والرواتب) تتغير بوتيرة أقل بكثير. ذلك أن معدلات أجور معظم العمال تعدّل مرة واحدة في السنة فقط. وقد تبين أن التضخم الركودي يتعلق بهذه الأسعار «المستقرة» بشكل رئيسي.    
القصد هو أن التقلبات التي تحدث في الأسعار على المدى القصير لا تخبرنا بالكثير عما إن كان التضخم الركودي آخذاً في التحول إلى خطر. ولهذا، تتجاهل سياسةُ «الاحتياطي الفدرالي» عموماً معدل التضخم الرئيسي، وتركّز بدلاً من ذلك على مقياس يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة. 
وعليه، فماذا سيحدث في الأشهر المقبلة؟ الأرجح أننا سنرى عدداً من الزيادات المؤقتة في الأسعار، ليس فقط لأن الاقتصاد يشهد طفرةً، ولكن أيضاً لأن تأثيرات الوباء المتبقية أفرزت بعض الاضطرابات غير العادية؛ على سبيل المثال، نقص عالمي في حاويات الشحن. 
والسؤال الذي سيطرح هو ما إن كانت هذه الزيادات في الأسعار من النوع العابر المؤقت على غرار تلك التي وقعت في 2010-2011 أو شيئاً أكثر خطورة؟ المراقبون الأذكياء سيتجاهلون عناوين وسائل الإعلام، وسينظرون إلى مقاييس التضخم الحقيقي، وليس مقياس «الاحتياطي الفدرالي» «الأساسي» القياسي فقط، ولكن أيضاً أشياء مثل مؤشر «احتياطي أتلانتا» للأسعار الثابتة أيضاً. كما أن الأدلة القولية، المعروفة أيضاً بـ«التحدث إلى الناس»، ستكون مهمة: ومن ذلك، هل بدأت الشركات بالفعل تحدد الأسعار والأجور بناءً على توقعات بارتفاع التضخم في المستقبل؟
إذا لم تكن قد فعلت - وأعتقدُ أنها لن تفعل - فإن درس 2010-2011 سيبقى هو: لا تهلع. 
وخلاصة القول إن هناك أشخاصاً، اليوم مثل الأمس، يتوقون للتنديد بمحاولات الحكومة مساعدة الاقتصاد. لكن من المتوقع جداً أن يتبين لاحقاً، بعد مرور بعض الوقت، أن «خطة الإنقاذ الأميركية» الحالية كانت شيئاً مفيداً للغاية. لكن لا تدع المشتبه فيهم المعتادين يستغلون بيانات بضعة أشهر من التضخم كدليل على كارثة مقبلة. 

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»

Canonical URL: https://www.nytimes.com/2021/03/22/opinion/us-inflation-stimulus.html