تُولي قيادتنا الرشيدة أولوية قصوى لتأهيل الشباب الإماراتيين وإعدادهم ليكونوا قادة حقيقيين، فتمهد الطريق لهم وتعمل على تأهيلهم ليستمروا في رحلة البناء، كما توفر لهم الفرص التي تتيح لهم تبادل الأفكار مع صناع القرار والمفكرين والمبدعين عبر منصات تطرح الواقع والرؤى. وحينما نذكر مجلس محمد بن زايد لأجيال المستقبل؛ فلأنه يندرج في هذا سياق تلك المنصات.
منذ انطلاق أعمال المجلس عام 2017، وهو يعمل على أن يكون حلقة وصل بين الشباب ومستقبلهم بما يلهمهم ويبعث الحماس لديهم لأن يكونوا مؤثرين في مجتمعهم بداية، وعندما يطرح المجلس في دورته الأخيرة التي انتهت أعمالها مؤخراً (واقع جديد، آفاق جديدة)، فلأن المشرفين عليه يؤمنون بضرورة أن يفهم الشباب الدور المأمول منهم حاضراً ومستقبلاً، كونهم يمثلون الجيل الذي سيشغل وظائف مهمة في المؤسسات العامة في ظل الاستراتيجية التي تضعها الحكومة.
لا شك أن الجلسات التفاعلية التي يقدمها المختصون تلهم الشباب وتعزز طاقاتهم وتحفزهم على الإبداع، كما تشجعهم على تقديم تصورات من شأنها أن تسهم في تجاوز التحديات التي يمكن أن يواجهها المجتمع بمؤسساته وأفراده، وأن يكون لهم أثر إيجابي في محطيهم للمحافظة على المكتسبات التي تحققت في الإمارات، والسعي نحو تحقيق المزيد من تلك المكتسبات على مدار السنوات الخمسين القادمة.
ونحن نتابع فعاليات المجلس وما يصدر عنه؛ نتوقف عند دراسة استطلاعية طُرحت فيه، وأكدت نتيجتها أن معظم الشباب الإماراتي متفائل بما سيحمله المستقبل للدولة ولأبنائها، منطلقين في تفاؤلهم هذا من المكانة الاقتصادية التي وصلت إليها الإمارات، والقوانين التي تتطور فيها، والقرارات التي تتخذ بما يخدم الجهود الرامية إلى تعزيز حضورها دولياً على مدار نصف قرن قادم سيشهد خلاله العالم تغيرات كبيرة في جميع المجالات، وخصوصاً في المجال التكنولوجي وما يرتبط به من توجهات عالمية نحو استكشاف الفضاء وتعظيم فوائد الطاقة المتجددة.
وأن تصل نسبة المتفائلين في هذه الدراسة إلى 91% فهو رقم كبير، ومبني على قراءة الشباب للمشهد الحالي ولما حققته الإمارات خلال العقد الأخير بالتحديد. لكن وضع الدولة اليوم ومكانتها، والرفاه الذي يعيشه الإماراتيون؛ يجب أن يكون دافعاً لأبناء جيل الشباب كي ينخرطوا في صناعة المستقبل قريباً.
وأن يصل جيل الشباب من الجامعيين والخريجين إلى تلك المرحلة – أي الانخراط في سياسات الحكومة والعمل على المشاركة في صناعة القرار – إنما هو أمر يتطلب منهم بذل جهود استثنائية ليكون لهم موطئ قدم في المستقبل، كأفراد مفكرين ومنتجين يسخرون إمكانياتهم وطاقاتهم لتمكين قيم الاتحاد بدايةً على الصعيد المحلي، ولإحداث نقلة إضافية للدولة على الصعيد الخارجي.
ليست قيادة الإمارات وحدها التي تنتظر من أبنائها الشباب اليوم القيام بالكثير من العمل لاستكمال المسيرة التي بدأها حكام الإمارات المؤسسين منذ سبعينيات القرن الماضي، إنما نحن الآباء والأمهات كذلك، فالآباء المؤسسون وخيرة أبناء الإمارات كانوا قد سخروا هممهم والإمكانات المتوافرة في أرض الإمارات لخدمة مشروع عظيم، وهو بناء الدولة بكل مؤسساتها، والمجتمع بكل أركانه. وعليه فإننا جميعاً ننتظر من شبابنا أن يكونوا الجيل الذي نحلم به، ويردوا الجميل للاتحاد الذي أعطاهم وما يزال يعطيهم، وأن ينطلقوا دوماً في رحلتهم نحو المستقبل من القيم الإنسانية النبيلة التي نشأوا عليها، ومن تحمّلهم لمسؤولياتهم كمواطنين.
الأمثلة كثيرة لرجال شقوا لنا الطريق كي نصل إلى ما نحن فيه الآن، وما على شبابنا سوى أن يستثمروا ما يوضع بين أيديهم ليتمكنوا من إثبات فاعليتهم محلياً وعالمياً، وهو ما يأتي بالتخطيط والاجتهاد لتحقيق مشروع يُضاف ويضيف للإنسانية الكثير.