الخرافات والأساطير السياسية هي الروايات والقصص والمعتقدات، والمفاهيم المقبولة والمتعارف على صحتها على نطاق واسع، سواء كانت تاريخية أو دينية أو غير ذلك، حيث تمر بمراحل عدة منها: التأطير الأولي من خلال السرد الذي يُسوق له وينادي به كثوابت موثقة أو غير موثقة، وشعارات جذابة لصالح سياسة معينة أو سلطة سياسية أو رمز سياسي، حتى يتحول السرد إلى قصص متداولة في الذاكرة الشعبية العالمية، أو حتى أطروحات تغلّف بالبعد العلمي من قبل النخب السياسية والثقافية والمفكرين والأكاديميين، وتكون لها طقوس خاصة تتحول لأساس ثابت للعمل السياسي والاجتماعي والثقافي والجماعي، وتدرّس في الجامعات، وفي المرحلة النهائية تمثل تلك الأفكار أسلوب النظام السياسي، وتكون بمثابة جزء من المعايير التأسيسية والوظيفية للعمل السياسي والدبلوماسي، وعادةً ما تستخدم لتبرير وجود النظام السياسي وما تقوم به السلطة السياسية.
فالأساطير السياسية تنطلق من خلفية التاريخ السياسي للعالم والتسويق والتجسيد لفضائلها على الطريقة الأوروبية، والتي تمثل الولايات المتحدة امتداداً طبيعياً لها، والتي تعتبر المرجعية للنجاح في عالم السياسة والليبرالية الجديدة بعد إعادة كتابة السياق التاريخي وماهية النظام الدولي، وبدورها تتحدى الصين اليوم كل الأدبيات المتوارثة في النصوص الأكاديمية، والتي تصل لحد التقديس لدى بعض المريدين لزاوية الطريقة البراغماتية في التفكير السياسي والدبلوماسي، ولذلك لم يتخلص العرب والمسلمون بعد من تبعات الاستعمار بعد مرور نصف قرن على الاستغلال للعديد من الأقطار في هذا الجزء من العالم، وهناك إشكالية الغموض الأيديولوجي وصعوبة التعبير عن الأفكار الخاصة بهم وليس الأفكار التي أسقطت عليهم، حيث لا تزال الأمور تبدو قاتمة للغاية على الرغم من كل التعليم الذي نالته النخب لديهم، ولربما كان ولا يزال ذلك التعليم في العلوم الاجتماعية، على وجه التحديد، سلاحاً ذا حدين بين الأصالة والتغريب، وأصبحت النخب بمثابة سلاح بيد الآخرين، بقدر ما هم سلاح لأوطانهم لمواجهة الغزو الفكري المبرمج، والذي يعدّ العديد منهم جزءاً لا يتجزأ منه. 
والواقع أن الأساطير السياسية من خلال التعبير عن المواقف السياسية للأحزاب والمدارس السياسية، ولأبطال الدول الكبرى وجيوشها ومؤسساتها وتعزيز الصورة الذهنية والفكرية لما فعلوه للبشرية، وبأنهم هم وحدهم العباقرة الذين يستحقون أن يكونوا أبطالاً للبشرية ككل، ومن الطبيعي أن يكونوا هم سادة العالم فهو إرث لهم لا نزاع عليه، وهي نفسها عناصر مهمة في مكونات الصراع بين الحضارات اليوم، بمساعدة الأدوات النظرية المستمدة من الأسطورة السياسية، والتي تخبرنا من يجب أن يقود العالم ولماذا وكيف، وإن ما حدث مؤخراً من كوارث طبيعية وأوبئة تنتشر عبر العالم سيكون له دور جوهري في رسم خريطة السياسة في العالم، وتغيير حتمي في المفاهيم الرئيسية في العلاقات الدولية خارج الحساب الاستراتيجي، وبروز قيادات جديدة لقيادة النقاش حول السياسات الدولية، وتغيّر موازين قوى الدول بتغير التقنيات الناشئة، والانتقال من قياس الكم إلى قياس الكيف النوعي وليس الكيف فقط، لتحديد نوع التعددية القطبية المستقبلية، بما أن المصالح العابرة للقارات والقواسم المشتركة بين الدول أصبحت أكثر تداخلاً وتشابكاً، وإن كانت الطبيعة غير المتجانسة للأقطاب المتنافسة تبدو وكـأنها معضلةً ليس لها حل، ولكن اليوم، فإن القضايا الأكثر إلحاحاً تنصّب حول تعرض كوكب الأرض للخطر من خلال التغير المناخي والانهيار البيئي، وظواهر كونية خارقة للعادة ولا يمكن للجنرالات والأدميرالات والقنابل والبنادق أن تفعل شيئاً يذكر لحماية رفاهية الأفراد في مواجهة هذه الأنواع من التحديات، والتغير المحوري هو أن الإنسان هو المرجعية الرئيسية للأمن في القرن الحادي والعشرين، ومن الأفضل فهم الأمن على أنه الجانب الآخر للتنمية العادلة والمستدامة على المدى الطويل، وليس كفن في الدفاع عن النفس.