عشرات الصواريخ وطائرات الدرونز تم تدميرها في سماء أربع مدن سعودية، فضلاً عن محاولة أخرى متعمدة للاعتداء على مرافق شركة «أرامكو» السعودية، وإحدى ساحات الخزانات البترولية في ميناء رأس تنورة التي تم استهدافها بطائرة مسيرة من دون طيار قادمة من البحر.. كل هذه الأعمال التخريبية، حدثت في أسبوع واحد استُهدِفت فيه مدن المملكة العربية السعودية، وهي مدن بالطبع يقطنها مدنيون آمنون وأبرياء.
وفي المقابل، في يوم الثالث من مارس 2021، أي مع بداية هذا الشهر، استَهدف 12 صاروخاً قاعدةَ عين الأسد الجوية بالعراق، التي تتواجد فيها قوات أميركية وعراقية وقوات من التحالف الدولي في محافظة الأنبار غربي العراق. وقد تبين أن الصواريخ التي استهدفت القاعدة هي من نوع «آراش» إيرانية الصنع. وقبل هذه الحادثة بأكثر من أسبوعين تم استهداف مجمع عسكري في مطار أربيل بشمال العراق تتمركز فيه قوات أجنبية من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، ويساعد العراق في محاربة تنظيم «داعش» منذ عام 2014، بالإضافة إلى الصواريخ التي سقطت قرب السفارة الأميركية في بغداد، وأخرى على قاعدة «بلد» الجوية شمال العراق.
كل هذه الأحداث الإرهابية تؤكد حالة واحدة فقط، هي أننا أمام إرهاب دولي موجه من إيران بواسطة أذرعها في المنطقة، وسط تغافل مريب من الولايات المتحدة الأميركية تحت إدارة الرئيس جو بايدن الذي بدوره لم نسمع منه وحكومته سوى التنديد والأسف دون أي تحرك سياسي يوقف هذا العبث الذي طال حتى المصالح اللوجستية الأميركية في المنطقة، واستهدف جنودها وعتادها في قاعدة الأسد ومبنى السفارة في بغداد!
يمر العالم اليوم بمتغيرات وأزمات حقيقية تكشف عن سياسات أميركية وأممية هشة تنبئ بمستقبل غير آمن على المدى البعيد وربما القريب أيضاً. فالمنطقة العربية على وجه التحديد تشهد ازدياد حدة العنف من جانب إيران، وتصاعد عبثها المتكرر والمستفز من جهة، والتهديدات التركية لدول المنطقة خصوصاً ليبيا ومصر من جهة أخرى، مما يدفع إلى مزيد من الفوضى قد تصبح خارج السيطرة في وقت قريب، ممهِّداً بالتالي لفتح جبهات جديدة ومتعددة قد تسهم بدورها في فتح الباب للقوى الكبرى للدخول في صراع وفوضى لن تنتهي. فالحوثيون قد زاد نشاطهم العسكري مباشرةً، بعد رفع اسمهم من قائمة الإرهاب الأميركية، وزاد استهدافهم لمناطق المدنيين في السعودية، ولمأرب في اليمن التي تشهد اليوم أسوأ كارثة إنسانية بعد تصاعد عنف الحوثيين داخلها منذ أسابيع، وهو الأمر الذي كانت حملة الرئيس بايدن الانتخابية تروج لوقفه باسم الإنسانية أيضاً!
تنتهك إيران القوانين والأعراف الدولية وتنقض بلا مبالاة الوعود التي قطعتها في إطار الاتفاق النووي الذي عقد في عام 2015، كما تستأنف تخصيب اليورانيوم إلى مستويات متقدمة (20%) في خرق صارخ لبنود خطة العمل الشاملة المشتركة المتفق عليها إبان إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، وتعرقل في الوقت ذاته وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى منشآتها النووية.
إن كل ما سبق يضع المنطقة العربية أمام خيار واحد فقط، وهو تكوين حلف عربي لدول المنطقة على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) لضمان أمن المنطقة واستقرارها، وصد تهديدات إيران وأذرعها العابثة، سواء بدعم أميركا أو بدونه!

*كاتبة سعودية