في 15 مارس 2011 بدأت الأزمة السورية، وبعد مرور عشر سنوات وصل الصراع السوري إلى طريق مسدود. فالرئيس بشار الأسد لم ينتصر بشكل كامل. ولم يخسر تماماً، وأجزاء كبيرة من بلاده لا تزال بعيدة عن السيطرة الحكومية.
في الشرق السوري تشن فلول تنظيم «داعش» الإرهابي حملة حرب عصابات فتاكة، وفي كل مكان تتزايد التكاليف الإنسانية. بعد 400 ألف قتيل، يواجه الشعب السوري انهياراً اقتصادياً، وحالة متفاقمة من انعدام الأمن الغذائي، إضافة إلى الهجمات العشوائية على المدن والمستشفيات.
كانت ساحة المعركة نفسها هادئة إلى حد كبير لمدة عام. فاتفاق وقف إطلاق النار الروسي-التركي صامد إلى حد كبير، منذ أن منع التدخل العسكري التركي القوات السورية –المدعومة من القوات الجوية الروسية -من استعادة محافظة إدلب التي يسيطر عليها المتمردون في شمال غرب سوريا. ويعيش في الجيب 3 ملايين مدني ومجموعة من الإرهابيين من بينهم 10 آلاف مقاتل مسلح.
ولم تحرز سنوات من جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة أي تقدم، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2254، الذي وضع في ديسمبر 2015 خريطة طريق سياسية تهدف إلى إقامة «حكم شامل ذي مصداقية وغير طائفي» في غضون ستة أشهر، ووضع دستور جديد.

ولم يميز تلك التطلعات سوى أنها كان يتم خرقها. فعلى سبيل المثال، أرسلت دمشق وفداً على مضض إلى جنيف للمشاركة في جهود غير ملزمة يسرتها الأمم المتحدة لصياغة دستور شامل، الأمر الذي بدأ أخيراً في أكتوبر 2019.
ولكن بحلول أواخر يناير من هذا العام، بعد عقد الدورة الخامسة في غضون 16 شهراً، فشل المندوبون حتى في البدء في كتابة المسودة. 
باختصار، فإن تقريباً كل من حارب في هذه الحرب بالوكالة لا يزال على الأرض، مما يضمن بقاء سوريا مقسمة إلى مناطق سيطرة مختلفة.
لقد جندت إيران، التي كانت من أوائل من وقفوا إلى جانب الأسد، القدرات القتالية القوية لـ«حزب الله» اللبناني، ثم حشدت لاحقاً الميليشيات الشيعية من العراق وأفغانستان. وبذلت الولايات المتحدة وتركيا جهوداً لدعم المتمردين المناهضين للحكومة، لكن الحكومة السورية في دمشق ظلت مستمرة بفضل إيران حتى تدخلت روسيا بالقوة الجوية في سبتمبر 2015. وقلبت موسكو مجرى الحرب بشكل لا رجعة فيه.

ومع ذلك، تمتلك تركيا اليوم ما يقرب من 12.000 جندي في شمال غرب سوريا، ظاهرياً لإنشاء ما يسمى بـ«منطقة آمنة» للاجئين والدفاع عن إدلب. يهدف الأتراك أيضاً إلى منع نزوح المزيد من السوريين (والمسلحين الإرهابيين) عبر الحدود إلى تركيا، حيث يقيم بالفعل حوالي 3.6 مليون لاجئ مسجل، بالإضافة إلى مراقبة القوات الكردية التي تعتبرها إنقرة تهديداً أمنياً.

وفي الشمال الشرقي الغني بالنفط، تدعم عدة مئات من القوات الأميركية -التي خلفتها الحرب التي دامت سنوات ضد «داعش» في سوريا والعراق -قوة شبه عسكرية كردية-سورية قوامها أكثر من 100.000 مقاتل تحرم دمشق من ربع أراضيها و80% من مواردها.

من حيث النسيج الاجتماعي المتضرر والاقتصاد المدمر، فهذا لا حد له. فقد انهارت العملة السورية وارتفع معدل التضخم بشكل كبير، حيث تضاعف سعر زيت الطهي وحده خمس مرات في العام الماضي.
كما نزح حوالي 12.6 مليون سوري من منازلهم، وفر 6.6 مليون منهم من البلاد. 
ما يقرب من 60% من سكان سوريا -«يعانون من انعدام الأمن الغذائي»، وفقاً لتقرير صادر عن برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي. في العام الماضي وحده، تضاعف عدد السوريين الذين تعتبرهم الأمم المتحدة «يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد»، بحيث لا يمكنهم البقاء على قيد الحياة دون مساعدة، إلى 1.8 مليون.

مراسل «كريستيان ساينس مونيتور» في منطقة الشرق الأوسط
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»