ليس بالأمر الجديد على دولة الإمارات العربية المتحدة، أن تحقّق تفوقاً كبيراً ولافتاً للنظر في مؤشرات التنافسية العالمية، إلا أن ما يستحق الاهتمام هذه المرة، هو قدرتها على تخطي التحديات التي أوجدتها جائحة كورونا عالميّاً، بتمكّنها من تعزيز مكانتها العالمية في مؤشرات التنافسية الصادرة عن جهات ومؤسّسات متخصّصة عدّة.
وأظهر توثيق لمؤشرات التنافسية العالمية، خلال عام 2020، قام به مؤخراً المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، أن دولة الإمارات حقّقت حزمة من الإنجازات في العديد من القطاعات، عزّزت مكانة الدولة، وجعلتها تُقبل على الخمسين عاماً المقبلة، وهي مطمئنة إلى أن الخمسين عاماً الأولى من عمرها كانت حافلة بالعطاءات والإنجازات التي بُنيت على خطط مدروسة واستراتيجيات بعيدة المدى، أسهمت في تحقيق كل تلك النجاحات. هذا التوثيق الذي قام به «المركز» أخيراً، أشار إلى أن دولة الإمارات صُنِّفت في عام 2020، بحسب كبريات المؤسّسات الدولية المتخصّصة في قياس الأداء الاقتصادي، ضمن نادي العشرة الكبار عالميّاً في 24 مؤشراً من مؤشرات التنافسية الاقتصادية، وأخرى خاصة بمؤشرات ممارسة الأعمال.
ففي كلٍّ من الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية، وتقرير التنافسية العالمي (4.0) الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، ومؤشر الازدهار الذي يصدر عن معهد «ليجاتم»، احتلت دولة الإمارات موقع الصدارة العالمية في مؤشرات تنافسية عدّة، تشمل شراكة القطاعين الحكومي والخاص، وانخفاض معدل التضخم وشروط التبادل التجاري، وقلّة تهديدات تغيير مواقع الأعمال على الاقتصاد، وقلّة التهرب من الضرائب، وقلّة التبذير في الإنفاق الحكومي، وغيرها من المؤشرات. كما حازت دولة الإمارات في العام نفسه مراكز دولية متقدمة في قطاع ممارسة الأعمال، وضعتها ضمْن نادي الأوائل، وذلك ضمْن مؤشرات مرونة الشركات وسهولة ممارسة الأعمال وحالة تنمية التكتلات الاقتصادية، وإجمالي المدخرات المحلية ومجالات الاقتصاد الموازي وتوافر الفرص وغياب التهديدات، وسمعة الدولة في الخارج.
كل النجاحات المتحقِّقة في مؤشرات التنافسية العالمية خلال العام الماضي، كانت بفضل رؤية القيادة الطموحة في تعزيز حضور الدولة الاقتصادي على المستوى الدولي، إذ هدفت الأجندة الوطنية لـ«رؤية الإمارات 2021» إلى وضع الدولة على مسار تنموي يحوّلها إلى عاصمة للاقتصاد والسياحة والتجارة لأكثر من مليارَي شخص، من خلال التحوّل إلى اقتصاد قائم على المعرفة والابتكار، يحقق الازدهار والنمو المستدام، عبْر استراتيجية تنافسية تدعم المسيرة الوطنية من التطوير، وتعزز تنافسية الدولة الإقليمية والدولية في إطار تحكمه مجموعة من التشريعات المرنة والسياسات الحكيمة، وأفضل الممارسات العالمية.
لقد قامت دولة الإمارات، منذ أن تأسّست، على طموحات كبيرة، تسعى من خلالها إلى مجموعة من المستهدفات الاستراتيجية، التي تقوم على ثروة بشرية حقيقية تصل من خلال إمكانياتها المعرفية والمهاراتية إلى الارتقاء بالإنتاجية، وتعزيز نمو الاقتصاد بكل قطاعاته. وإضافة إلى توافر العنصر البشري المدرّب والمؤهل، فقد ركزت الدولة على بناء وتطوير مؤسّسات عدّة تعمل على تنفيذ المستهدفات الاستراتيجية الواردة في خطط الإصلاح الاقتصادي واستراتيجياته، وفق معايير عالميّة في الحوكمة، ترفع مستويات الازدهار، وتفتح الأبواب لفرص تنموية غير مسبوقة، ونمو مطّرد ينعكس إيجابيّاً على حياة الأفراد الاجتماعية والاقتصادية.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.