كان العام الماضي من أكثر الأعوام مشقةً على العالم، فقد جعلت جائحة كورونا للزمن طعم الوباء والموت وأجواء الحجر الصحي والخوف من الإصابة بالمرض. 
ما من شك في أنه ليس الوباء الأول في تاريخ العالم، لذا كان لا بد من التمعن في الماضي والحاضر من خلال أفكار تضرب أوتادها في الهواء بعد أن حسبنا أن الأرض هي القاعدة التي تعني الثبات والاستقرار.
لا شيء مؤكداً ولا شيء خطأً ولا مؤامرة في الأساس، وإنما هو مرض وبائي جاء وسيذهب بعد أن يكبد العالم ما سيكبده من خسائر بشرية ومادية. 
والفارق هو أن المؤامرة بأفكارها وتفاصيلها تأتي ملغمةً بالحقائق والأرقام والاتهامات، وغالباً ما تكون مدعومة بأحدث الأفكار العلمية والمخترعات التكنولوجية، لذا كثيراً ما كان أصحاب العلم والتكنولوجيا المصدر الرئيس للمؤامرات.
والمريب في جائحة فيروس كورونا هو كمية التفاصيل التي يذكرها الأطباء حول الفيروس، ومدى انتشاره وقدرته على القتل! والعالم في هذه اللحظة من تاريخه لا يملك الإصرار على رأي أو رفض آخر، وإنما هو في حالة تجمد فكري، حيث يذهب البعض إلى تبني طائفة من الأفكار على أنها حقائق ويقينيات!
حالة الانتظار هي سيدة الموقف، وهي الحديث السري الذي يدور بين العيون فقط، حيث أصبح الحل الوحيد هو التطعيم، دون الخوض في أي نقاشات بلا جدوى. لا أعلم من أين جاء هؤلاء الذين يكتسحون وسائل التواصل الاجتماعي بأفكارهم حول المؤامرة؟ ولا أين كانوا عندما كان العالم كله ينتظر بخوف وقلق تجارب اللقاحات المضادة للفيروس؟ ولا أفهم معنى أن يصر هؤلاء على نفس الحديث كل مرة ونحن الآن في العام الثاني من الجائحة؟ وما هي الجدوى المرجوة التي يدعيها هؤلاء إذا كان الهدف هو الوعي وليس تزييف الوعي؟ 
تزييف الوعي لا يعني إلا الاستسلام للمرض والموت. وواقع اليوم يقول إن التشكيك بلا طائل وإن الصمت والامتثال هما الحل للخروج من النفق المظلم الذي دخلته البشرية. الجميع الآن على حق ومخطئون في الوقت ذاته. ولا يوجد وصف دقيق لحالة السيولة هذه غير أنها تسليم مطلق لأمر الله تعالى العالم بخفايا الأمور. لم تعد السيولة سياسية أو فكرية فحسب، بل تحولت إلى حياة يومية يعيشها الناس بكل تفاصيلها.. أصبحت حياتهم وعنوانها اليومي.
وسؤال الحال اليومي: هل أخذت اللقاح؟.. دون انتظار الإجابة!