تمثّل العدالة الاجتماعية أحد أهم المبادئ التي تنظر إليها دولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها ركيزة أساسيّة من ركائز حقوق الإنسان، وقيمة عليا تستوجب التمسك بها لأهميتها في إشعار الناس أنهم متساوون، وأنه لا اختلاف بينهم مهما تعدّدت أديانهم ولغاتهم وأعراقهم، فالأصل هو الإنسان، والقاعدة هي أن ينعم بدولة تحترم كينونته ويعيش فيها حياة كريمة تقوم على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، إذ نصّ دستور الدولة في المادة (14) على أن «المساواة والعدالة الاجتماعية وتوفير الأمن والطمأنينة وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، من دعامات المجتمع والتعاضد والتراحم، وصلة وثقى بينهم».
وانطلاقًا من ذلك كلّه، تشارك دولة الإمارات دول العالم، الاحتفاء باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، الذي يصادف اليوم 20 فبراير من كل عام، ويحلّ هذا العام تحت شعار «دعوة للعدالة الاجتماعية في الاقتصاد الرقمي»، فهي فضلًا عن تأكيدها أن العدالة الاجتماعية قيمة عُليا وحقٌّ إنساني سامٍ، فإنها تنظر إلى الاقتصاد الرقمي بوصفه اقتصاد المستقبل، إذ تهدف «رؤية الإمارات 2021» إلى التحول إلى اقتصاد المعرفة القائم على الابتكار والمرونة. كما تشارك دولتنا هذا العام باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، إذ يعيش العالم في مرحلة استثنائية في تاريخه، وذلك جرّاء تفشي فيروس «كورونا» المستجد عالمياً، الذي ألقى بظلاله على قيم العدالة الاجتماعية في شتى دول العالم، نتيجة لخسارة الكثير من الشباب فرصهم الوظيفية، فتنامت البطالة، وتزايدت أعداد الذين يقبعون تحت خط الفقر.
ونتيجة لتلك التداعيات، جعلت الأمم المتحدة «اليوم العالمي للعدالة الاجتماعية» هذا العام يومًا لتأكيد أهمية الاقتصاد الرقمي في تغيير سوق العمل العالمي، إذ إن التوسع في استخدام الإنترنت والحوسبة السحابية أدى إلى انتشار المنصّات الرقمية في العديد من القطاعات الاقتصادية، ومنذ أن انتشرت جائحة كورونا، فإن العمل عن بُعد بات إحدى أبرز الآليات التي تم اللجوء إليها لمواجهة تفشي الفيروس، ما عزز من نمو الاقتصاد الرقمي وزاد من تأثيره في عمل الأنشطة والقطاعات، لكن في المقابل، كشفت أزمة «كورونا» عن وجود فجوة رقميّة داخل الدول المتقدمة والنامية وفيما بينها، الأمر الذي فاقم الأزمة، وخصوصاً في القضايا التي تخصّ إتاحة المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات، وعدم القدرة على تحمّل كُلفتها، وضعف قدرة المجتمعات الهشّة في الوصول إلى خدمة الإنترنت، ما تسبّب في المحصّلة بتعميق أوجه التفاوت الاجتماعي داخل المجتمعات وبين الدول نفسها.
ولأن دولة الإمارات تؤمن بأن تمكين الفئات الاجتماعية كافة من الحصول على خدمات مميزة وحياة لائقة على شتّى الصُعد والمجالات هو ضرورة وليس خيارًا، فإنها أكدت، وعبر سياساتها وبرامجها المرِنة الخاصة في دعم العمل عن بُعد، أنها صاحبة رؤية ثاقبة في توفير فرص عمل مدرّة للدخل، من خلال توفير منصات رقمية، حدّت فيها من أي عقبات قد تقف عائقًا أمام تأدية العاملين والعاملات وظائفهم بصورة متقَنة وأداءٍ ناجح، من دون إغفال أهمية حصولهم على حقوقهم في ظروف عمل عادلة ومستويات معيشية لائقة وحماية اجتماعية شاملة، تحقق مستهدفات التنمية المستدامة وتعزز الرفاه، إيمانًا منها بأن العدالة الاجتماعية مبدأ أساسي من مبادئ التعايش السلمي، ويتحقق على إثرها الرخاء والازدهار والمساواة.

* عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.