مهما طال أمد الحروب، فإن للسلام فصل الكلام ومسك الختام. والسعي للحفاظ على هذا الوئام واجب القوة الضاربة وفرض القوة الناعمة. ولا بد أن نقر بهذا الإنجاز لأميركا من بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء صندوق «مارشال» لإعادة إعمار أوروبا من بعد ذلك الدمار الشامل. ونعتقد بأن أميركا لا تدين للعالم بشيء أكثر أو أقل من السلام الأساسي ذاته الذي نتمتع به منذ زمن طويل ليس سلاماً أميركياً، بل عالمياً. ويود بعض الاستراتيجيين تغيير نمط القوات المسلحة إلى نوعين من القوات: نوع يخوض الحرب وآخر يشن السلام، فهي هبة من التواصلية المنتجة للسلام، ينبغي أن نحافظ على إعطائها كهبة.
ويوضح «أيزنهاور»:«إن دورنا في حفظ السلام العالمي طرأت عليه بحكم مسؤوليات الولايات المتحدة زيادة غير مسبوقة في صناعة السلاح، حتى إننا الآن نملك جيشاً قوامه ثلاثة ملايين ونصف مليون من الرجال والنساء، كما أننا نوجه إلى الجانب العسكري في اقتصادنا ما يوازي دخل كل الشركات الأميركية مجتمعة...». 
القوة الصلبة نافعة إذا ما كانت في خدمة القوة الناعمة وبين القوتين خيط رفيع، كما هو الفرق بين الحكمة والحماقة.
فالذكاء المصطنع لا ينفع هنا للحفاظ على السلام المستدام، بل في الذكاء الحقيقي يكمن الحل، يقول الخبراء إن علامة الذكاء الحقيقي هي القدرة على الإمساك بمفهومين متعارضين في رأسك، في الوقت ذاته، إلى أن تفهم حقيقة كل منهما وتدرك في الآن نفسه اختلافاتهما.
ولا ينبغي أن يخلو عالم الإنسان من ذلك لأن العالم المقابل للحيوان لا يخلو منه.، وهو ما لا حظه الدالاي لاما أحد صناع السلام. فقد لاحظ بأن «أشد الكلاب عدوانية وشراً، عندما تحيط بها كلاب تميل للسلم، فإن هذا يؤدي إلى إظهار جانبها المسالم». وشيء قريب من هذا يحدث في الذهن البشري، مشيراً إلى الطرق التي تجعلنا نألف بصورة متزايدة عواطفنا السلمية. من هنا ندرك فاعلية عمليات حفظ السلام في البقع الملتهبة والمتناثرة حول العالم. 
عمليات حفظ السلام والإغاثة هي تماماً: الدخول في مواقع ميؤوس منها، إما إثر صراع توقف أو إثر كارثة، ومحاولة استعادة النظام بحيث يمكن أن تبدأ استعادة العافية، ورغم أن هذه المواقع خطرة، إلا أنها عادة لا تكون معادية.
ومن الواضح أن عمليات حفظ السلام دورها تبريد الحرب أو تجميدها في بعض الأحيان، حتى تتحرك آلة الاقتصاد، إن السلام العالمي الناتج عن الحرب الباردة يفضي إلى العالم الذي يعمل بشكل أساسي على الصعيد الاقتصادي، أو إلى العالم الذي لم يعد منقسماً بين نموذجين اقتصاديين متنافسين، بل متكاملين حتى لا يتآكلا أو لا يأكل بعضه الآخر. من هنا تقدمت العولمة، لأن حدودها أبعد من أن تكون ثابتة، إن السلام والاستقرار أساسيان لكي تتواصل.
البحث عن السلام لا يعني عدم الدفاع عن النفس، ففي معظم دول العالم ميزانية الدفاع تأخذ نسبة كبيرة من إجمالي الناتج القومي، ففي أميركا الدولة الراعية للسلام في العالم، يدرك فيها المواطن أن بلاده رصدت تريليون دولار كل سنة تحت بند الدفاع عن نفسها، أي حوالي 20% من مجمل الدخل القومي. 
بالمقابل هناك دول في العالم الثالث تصرف أكثر من 30% من إجمالي الدخل القومي، ولم تستطع حماية السلم الداخلي وتناثر عِقد الأمن آحاداً.
فأي دولة لا تتمكن من الحفاظ على سلامها الذاتي لا يمكن أن تكون شريكاً محايداً في رعاية السلام العالمي، مهما تبجحت وعلا صدى صوتها على مفعول السلام.