الحلم الأميركي أصبح بعيداً عن الواقع وكأنه من حكايات ألف ليلة وليلة، التي تتسلى وتتمتع فيها النفوس عبر القصص، وما تحتويه من خيال وأمل وطموح ولذة، فحسب «جيمس تروسلو آدمز»، الحلم الأميركي يقوم على أن مبادئ الحرية الأميركية تمهد للمواطن الأميركي تحقيق النجاح والثروة والسعادة والصعود في الحراك الاجتماعي عبر إتاحة الفرص والعمل، وتحقيق الانجازات، ولم يشهد هذا الحلم واقعاً، إلا ما يؤرخه الأميركيون بالعصر الذهبي في خمسينيات وستينيات القرن المنصرم، عندما كان التعليم مجانياً وكانت الحياة تزدهر بالإنتاج وفرص العمل، ورغم أن أميركا تحتل الصدارة عالمياً في الاقتصاد والصناعات والابتكار في شتى المجالات، إلا أن الوضع الداخلي الأميركي المعاصر يكشف عن ارتفاع البطالة بكل ما تخلِّفه من آفات اجتماعية واقتصادية، والسبب بكل بساطة يعود إلى تقلص شعار وكلمة صنع في الولايات المتحدة الأميركية، إلى جانب استحواذ الكثير من أبناء الأثرياء على التعليم العالي والوظائف المهمة على حساب الآخرين، فليست هناك عدالة في الفرص، ما يؤكد جمود الحراك الاجتماعي. 
لقد برزت في أميركا توجهات قوية للحفاظ على الدولة الوطنية ومصالحها الداخلية في ظل العولمة وما تسببه من اضمحلال أو ضعف الدولة الوطنية أمام الشركات والصناعات متعددة الجنسيات، وإذا ما تتبعنا حركة الاقتصاد العالمي اليوم نجد أن المصانع الغربية والأميركية مثلاً تزيدُ من إنتاجها وتحقق فائض القيمة الربحية بنقل وحداتها إلى دول أخرى تتوفر فيها العمالةُ الرخيصة والموقع الجغرافي اللذان يحققان أفضلية في الانتشار والتوزيع والتعاون مع الشركات، كما أن تلك المصانع والشركات تهرُب من الضغوط والحقوق العمالية المكلفة في بلدانها. 
هكذا توارت أحلام الكثير من الأميركيين بين تحقيق هذا الحلم، وبين ماضي العصر الذهبي الجميل، وأصبحت هناك حاجة ماسة إلى إيجاد توازنات بين الضرورات الوطنية وما تتيحهُ العولمة من مكاسب في الإنتاج والربح، فعودة جزء من الصناعات إلى أميركا ستزيد من الوظائف وسترفع من عوائد وقيمة الضرائب، التي بدورها ستحسن من سياسات وخدمات الحكومات الأميركية، وعلى الجانب الآخر ستقلص من نمو الصين إلى حد ما فهي الحاضنة الأكبر للصناعات الأميركية، وجدير بالذكر بأن السياسات الحمائية للصناعات الوطنية الداخلية في أوروبا مثلاً تحاول منع تزايد البطالة، ووقف إغلاق المصانع والمحلات والشركات الكبيرة والصغيرة أمام الشركات العابرة للقومية. 
إن مطالب الأميركيين في توفر فرص العمل لمختلف الفئات، ودفع الحراك الاجتماعي إلى زخم مقبول، في إطار يتناسب مع الريادة الأميركية العالمية في شتى المجالات، أصبح بين تيارين سياسيين، الأول، الدولة القومية ومصالحها الداخلية والأمنية، والتيار الثاني قيادة أميركا للعولمة، التي تشمل الحرية الرأسمالية في حركة الإنتاج والتصنيع وفتح الأسواق، علاوة على قضايا عالمية مثل البيئة وحقوق الإنسان والموارد الطبيعية والحرب والسلم، إلى جانب عولمة العالم بالقيم والديمقراطية الأميركية.