قررت محكمة الأسرة الكويتية وقف نظر دعوى بطلان عقد زواج، وإحالة المواد القانونية المتعلقة بها إلى المحكمة الدستورية للفصل في دستورية ما تضمنته من الولاية في إبرام وفسخ عقد زواج المرأة التي بلغت سن الرشد، إذ رانت على تلك المواد وفقاً للمحكمة شبهة عدم الدستورية.
وكانت سيدة تبلغ 35 عاماً قد تزوجت بإذن المحكمة من طليقها، فأقام والدها دعوى فسخ الزواج بحجة أنه أبرم من دون موافقته، إذ يشترط القانون الكويتي اجتماع رأي الولي والمولى عليها في زواج البكر في المرحلة بين البلوغ وسن 25 عاماً، أما الثيب أو التي جاوزت تلك السن، فالرأي لها في زواجها، لكن يباشر وليها العقد. واستثناءً من ذلك، يجوز للثيب أن تطلب من القاضي تزويجها من زوجها السابق، وذلك بعد إخطار وليها لسماع رأيه. 
وقد وجدت المحكمة أن هذا التنظيم القانوني للزواج يعارض أحكاماً في الدستور الكويتي تتعلق بالحرية والمساواة، وحماية الأسرة، وعدم التمييز بين الناس بسبب الجنس. وقد أسست المحكمة لحكمها على عشرة أسباب، أذكر منها ما يتصل بموضوع هذا المقال. 
1 -اتفاقية القضاء على التمييز ضد المرأة التي وقعت عليها الكويت، وتتضمن تساوي الرجل والمرأة في الحق نفسه في عقد الزواج. 
2 -الرضا الحر الكامل للفتاة يظهر جلياً عند بلوغها سن الرشد 21 سنة ميلادية، ولا يجوز من ثَم منازعتها في الاختيار بعد بلوغها لهذا السن والإدراك. 

3 -التنظيم القانوني للزواج نشأ في ظل بيئة وفترة كانتا فيهما المرأة ملازمة لمسكنها، وليس لها نصيب موفور من التعليم والعمل. أما وقد ترقت المرأة وتقلدت المناصب وشاركت في صنع القرار في الدولة الحديثة، فقد باتت مؤهلة لمباشرة عقد زواجها بنفسها في سن الرشد. 
4 -الولاية في الزواج ليست امتيازاً صرفاً لا يجوز المساس به أو تقييده. 
5 -الآراء الفقهية مختلفة في مسألة الأهلية وحضور الولي، وليس ثمة نص قطعي لا بد أن يأخذ به القانون، بل إن فضاء الاجتهاد أرحب للمفاضلة بين هذه الآراء. 
6 -اشتراط مباشرة الولي للعقد، بما يشمل حقه في الرفض لدواعي عدم الكفاءة، يسمح بوصول هذا الحق إلى مَن هو غير جدير به، فيستعمل هذا الاعتراض في أمور لا يقرها الدين وتؤدي إلى التنازع. 
7 -افترض الشرط سلامة موقف الولي بيقين قاطع، الأمر الذي يؤدي إلى عرقلة إبرام وتوثيق عقود الزواج، والحال أنه ينبغي صيانة الحقوق بإحاطة هذه العقود بسياج متين من الأمان القانوني. 
8 -شرط مباشرة الولي عقد زواج المرأة، وحقه في إجازته أو طلب نقضه، يسري مهما كانت أوضاع المرأة وظروفها، الأمر الذي يضيّق من دائرة سلطان المشرّع في التقدير وفق أسس منطقية. 
ومع السمات المشتركة الكثيرة بين المجتمعات الخليجية، والتشابه الكبير في دساتيرها وقوانينها ومذاهبها الفقهية المعتمَدة، فإن أسباب هذا الحكم جديرة بالتأمل، وإذا ما حكمت المحكمة الدستورية الكويتية بعدم دستورية التنظيم القانوني للزواج، فإن مثل هذا الحكم سيشكّل قفزة مهمة في مشوار تمكين المرأة ومساواتها‏‭ ‬بالرجل.‭