رسّخت دولة الإمارات العربية المتحدة نمطاً فريداً من المشاركة الشعبية التي يمتدّ نطاقها إلى أوسع مدى ممكن منذ تأسيسها. وتتجدّد هذه الممارسة مع إطلاق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، يوم الاثنين 28 سبتمبر 2020، «مشروع تصميم الخمسين عاماً القادمة لدولة الإمارات»، وهو المشروع الرائد الذي يسعى إلى إشراك كل مواطني الدولة والمقيمين على أرضها في صياغة مستقبل الدولة خلال الأعوام الخمسين القادمة، في طيف واسع من الأنشطة والمجالات التي تشمل الصحة، والتعليم، والتنمية الاجتماعية، والاقتصاد، والبيئة، والإسكان، والسياحة، وريادة الأعمال، والاستثمار، والمهارات، والقيم المجتمعية، والثقافة، والعلاقات الأسرية، والرياضة، والشباب، والأمن الغذائي، والعلوم والتكنولوجيا المتقدمة.
ويأتي إطلاق المشروع الجديد، الذي تشرف عليه اللجنة العليا لعام الاستعداد للخمسين، برئاسة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، ليقدِّم إضافة ثرية ومؤثرة إلى خطط دولة الإمارات المتواصلة من أجل تحقيق هدف الوصول إلى مرتبة «الدولة الأفضل في العالم» عام 2071، مع مرور مئة عام على تأسيسها، وهو الهدف الذي يبدو قريباً من التحقق، بالنظر إلى التقدُّم السريع الذي شهدته الدولة في الأغلبية العظمى من المؤشرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي تُصدرها جهات تحظى بالاحترام والموثوقية في العالم كله. وليس من قبيل المبالغة القول إن هذا الهدف يبدو متاحاً، حتى قبل الموعد المحدد له عام 2071.
ويترجم هذا المشروع إيمان القيادة الرشيدة لدولة الإمارات بأن الأفكار هي الركيزة الأساسية لأي تقدُّم أو تطوُّر على طريق المستقبل، وأن العقل الإنساني المبدع أصبح الثروة الكبرى والمورد الأهم في عالم يقوم على الابتكار، وهو ما عبَّر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقوله في 8 سبتمبر 2019: «نحتاج إلى أفكار مبتكرة.. ودماء جديدة.. وطاقات متجددة من أجل وطن لم يبخل علينا بشيء». كما يعكس المشروع كذلك ثقة القيادة الإماراتية بكل مَن يعيش على أرض الدولة، مواطنين ومقيمين، ورغبتهم الصادقة في الإسهام بما يملكون من آراء وأفكار وتصورات في ازدهارٍ أكبرَ ونهضةٍ أوسعَ للبلد الذي قدَّم إليهم أفضل الفرص.
وقد لفت صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الأنظار إلى أن هذا النوع من المشاركة، هو أحد التقاليد الثابتة والمستمرة في دولة الإمارات منذ بدأت خطواتها نحو النهضة عام 1971، وأن المشروع الجديد إنما يستلهم الروح التي أرساها بُناة الاتحاد وصُنّاعه، إذ قال سموه: «قبل خمسين عاماً بدأ الآباء المؤسّسون وفِرق عملهم مهمة لإشراك الناس في صناعة ورسم مستقبل الإمارات كما نراها اليوم.. جمعوا الأفكار من الناس، شحذوا الهمم، ناقشوا، تحاوروا، وكانت الظروف غير الظروف، والموارد غير الموارد، لكن الروح الواحدة كانت في القمة، والعمل الجاد من أجل هذه البلاد كان هو المهمة». 
وتُوفّر التصورات المكتملة والإجراءات والخطوات التنفيذية التي يتضمّنها المشروع فرصاً لإتاحة المشاركة أمام الجميع، وقنوات متنوعة لذلك، من بينها إطلاق المنصة الرقمية لرسم مستقبل الإمارات، وهي المنصة التي ستنقل الأفكار والرؤى والآراء، مُستفيدةً من البنية التحتية الرقمية المتطورة في دولة الإمارات، ومن الخبرة الطويلة للدولة في استثمار الإمكانات التي تنطوي عليها التقنيات الرقمية في كل المجالات. وإلى جانب المنصة الرقمية، توجد قنوات للتواصل المباشر، مثل المبادرات التفاعلية التي تجمع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد من أجل العمل معاً على تصميم ملامح المستقبل، عبر أنشطة مثل الحلقات النقاشية وجلسات التصميم، تحت إشراف اللجنة العليا لعام الاستعداد للخمسين.
ومن شأن مثل هذا التصوُّر الواضح، والخطوات المدروسة، والروح الإيجابية التي تسود المجتمع، والرغبة الصادقة في ردّ الجميل إلى دولة الإمارات، أن تجعل مخرجات المشروع الجديد إضافةً نوعيةً إلى مجمل الجهود القائمة لبناء مستقبل أكثر إشراقاً وازدهاراً لهذا البلد الطيب.

*عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية