بينما نقوم بإزالة التماثيل المثيرة للجدل، ونعيد تقييم الشخصيات التاريخية، كنت أتساءل ما الشيء غير الأخلاقي الذي سيجده أحفادنا في زماننا –وفيما يتعلق بنا؟ أي من أبطال اليوم ستُنزع عنه مصداقيته؟ أي التماثيل تم إطاحتها؟ ما الذي ستنظر إليه الأجيال اللاحقة باعتباره الأمور التي كانت رؤيتنا الأخلاقية فيها ضبابية.
أعتقد أنه من بين هذه الأمور قسوتنا على الحيوانات. يعتمد المجتمع الحديث على المزارع الصناعية لإنتاج البروتين الوفير وغير المكلف، لكنها تسبب معاناة الحيوانات على نطاق واسع. على مدى المائتي عام الماضية، أصبح العالم أكثر حساسية تجاه حقوق الحيوان. وفي أميركا الآن هناك أعداد متزايدة من الولايات التي قامت بإقرار قوانين حماية الحيوانات، وهناك نقاشات قانونية حول ما إذا كان ينبغي أن يكون لبعض الثدييات مكانة تجعل لها حق رفع دعوى قضائية في المحاكم!
والنتيجة وجود قضايا مثل قضية «جماعة حماية الحيتان ضد بوش»، وفيها كان المدعون من الحيتان والدلافين وخنازير البحر.
يقترح البابا فرنسيس أن الحيوانات تذهب إلى الجنة.
ومع ذلك، بينما نعشق حيواناتنا الأليفة وندللها –قد يحصل كلب تُربيه عائلةٌ ثرية على رعاية طبية أفضل من تلك التي يحصل عليها طفل من عائلة فقيرة - فإننا كمجتمع غالباً لا نبسط هذا التعاطف ليشمل حيوانات المزرعة التي لا نراها، خاصة الدواجن.
تم ذبح ما يقرب من 9.3 مليار دجاجة في العام الماضي في الولايات المتحدة -28 دجاجة لكل مواطن أميركي – وإليكم كيف يتم قتلها: يقوم العمال بوضع أرجل الدجاج في أغلال معدنية، ثم يتم قلب الطيور رأساً على عقب وإدخالها في حمام مكهرب يصعقها قبل أن يقوم منشار دائري بقطع رقابها، ثم يتم غمرها في مياه بدرجة الغليان.
حتى عندما يعمل هذا النظام بشكل مثالي، في بعض الأحيان، أحيانا تُكسر أرجل أو أجنحة الدجاج أثناء تقييدها. وعندما يتعطل النظام، فإنها لا تُصعق وتصارع بشكل محموم أثناء حملها إلى المنشار. والمنشار بدوره لا يصيب العديد من الطيور- قالت وزارة الزراعة الأميركية إن 526,000 دجاجة لم تُذبح بشكل صحيح في العام الماضي – وبعضها تم غليها وهي لا تزال حية.
قد نعاقب طفلاً لأنه قام بنتف ريش طائر، لكن المديرين التنفيذيين في الشركات الذين يعذبون الطيور بالمليارات يُمطَرون بخيارات شراء الأسهم. كما تقلل المزارع الصناعية من قيمة العمال في الخطوط الأمامية، من مزارعين مكافحين يربون الحيوانات إلى عاملين في المجازر يتقاضون أجوراً سيئة، ولا يحظون بالرعاية الكافية، والآن يسقطون مرضى جراء الإصابة بالفيروس التاجي.
وفي مواجهة كل هذا، تتغير المواقف: قال حوالي 8% من الشباب الأميركيين البالغين في عام 2018 إنهم نباتيون، مقارنة بـ 2% فقط من الأميركيين الذين تبلغ أعمارهم 55 عاما أو أكثر.
لقد تحولت إلى النظام النباتي منذ عامين تقريباً (وهو ليس نظاماً صارماً، كما أنني أتناول الأسماك) لأن ابنتي ألحت عليّ كثيراً (قالت إن «تقديم التوجيه الأخلاقي» سيكون أفضل)، وأظن أن الاعتبارات الأخلاقية والبيئية –ووجود بدائل لذيذة وكثيرة للحوم –سيقود أحفادنا إلى تناول كميات أقل من اللحوم، وأن يصابوا بالإحباط من تقبلنا العادي لنموذج المزارع الصناعية القائم على قدر كبير من القسوة.
وقال «بيتر سينجر»، الفيلسوف بجامعة بريستون «يوماً ما ستنظر الأجيال القادمة إلى سوء استخدامنا للحيوانات في المزارع الصناعية بنفس الطريقة التي ننظر بها إلى قسوة الألعاب الرومانية التي كانت تمارس في الكولوسيوم. وسيتساءلون كيف استطعنا أن نتجاهل المعاناة التي نلحقها بلا داعٍ بمليارات الحيوانات».
والمجال الثاني الذي سيجعل الأجيال القادمة تجزع من قسوتنا تجاهه هو اللامبالاة تجاه المعاناة في البلدان الفقيرة. أكثر من 5 ملايين طفل سيموتون هذا العام في جميع أنحاء العالم بسبب الإسهال أو سوء التغذية أو الأمراض الأخرى. ونحن نترك هؤلاء الأطفال يموتون لأنهم لا يمثلون أولوية بالنسبة لنا.
وبينما نددت بسوء معاملة الدجاج، من الإنصاف ملاحظة أن حوالي 5% من تلك الطيور تموت قبل الأوان. وفي المقابل، يموت 7.8% من الأطفال في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية في سن الخامسة، وفقاً لمنظمة اليونيسيف. لذا فإن المخاوف المتعلقة بالأعمال الزراعية القاسية تؤدي عملا أفضل لضمان بقاء الكتاكيت أكثر مما يفعله المجتمع الدولي أحيانا للأطفال الرضع.
والمجال الثالث الذي أظن أن أحفادنا سيحكمون عليه فيه بالقسوة هو التغير المناخي. سيؤدي إنكار جيلنا إلى المزيد من الأحوال المناخية المتطرفة، المزيد من المنازل التي تغمرها الفيضانات والمزيد من موجات الحر - والاستياء من أن البشر في أوائل القرن الـ 21 كانوا أنانيين للغاية بحيث يرفضون اتخاذ خطوات صغيرة للحد من انبعاثات الكربون.
لقد طرحت هذه القضية التي تتعلق بالمسائل الأخلاقية التي نغمض أعيننا عنها، ورددها أحد القراء، «براد مارستون»، أستاذ الفيزياء بجامعة براون، كما يلي:«خلال 100 عام، قد يُنظر إلى جيلنا بشكل سيئ كما يُنظر اليوم إلى العنصريين في القرن الـ 19 (أو أسوأ)، بسبب فشلنا في معالجة التغير المناخي، وترك كوكبنا متضرراً وربما مدمراً للأجيال القادمة».
*كاتب أميركي حاصل على جائزة بوليتزر
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»
Canonical URL: https://www.nytimes.com/2020/07/11/opinion/sunday/animal-rights-cruelty.html