أكدت البيانات الاقتصادية التاريخية التي نشرتها وسائل الإعلام قبل أسبوعين جسامة ضربة الربع الثاني التي عانى منها الاقتصاد العالمي والتحدي الذي ينتظرنا في المستقبل. ويأتي هذا في الوقت الذي مازال فيه الكونجرس بشكل خاص منقسماً بشأن طريقة دعم سياسات الإغاثة والإصلاح. وكلما تأخر المشرعون في التحرك، كلما تعاظم احتمال أن يؤدي توقف التعافي الاقتصادي إلى صعود كبير في البطالة وإغلاق أنشطة اقتصادية أكثر مما ينشر تأثيرات انكماشية في باقي الاقتصاد العالمي.
ووفقاً للبيانات فقد تقلص الإنتاج المحلي الإجمالي الأميركي بنسبة مذهلة بلغت 32.9% على أساس سنوي في الربع الثاني. وهذا يتجاوز كثيراً أسوأ ربع في فترة الكساد الممتدة بين عامي 2007 و2009 والذي بلغ تقلصاً بنسبة 8.4% وكان الرقم القياسي السابق سجله عام 1958 حين بلغ التقلص 10%. ومرة أخرى، هرع الاقتصاديون ومحللو وول ستريت إلى إعادة قياس بيانات النمو التاريخية للبلاد. والأرقام الأميركية ليست السبب الوحيد، فالبيانات القادمة من أوروبا في وقت سابق يوم الخميس كان لها التأثير نفسه.
وتجلى الأمل في بداية الأمر في أن يتبع الانهيار الهائل في مارس في النشاط الاقتصادي الأميركي تعاف شديد في الربعين الثاني والثالث مما يقلص احتمال أن تتحول القلاقل قصيرة الأمد إلى مشكلات عميقة يكون من الصعب حلها في المدى الطويل. لكن في الأسابيع القليلة الماضية، تزايد التشكيك في الأمل الخاص بحدوث تعاف سريع بعد الركود بسبب المؤشرات البارزة بوضوح التي تقيس المشاركة الاقتصادية. وتقوض هذا الأمل بشكل أكبر حالياً بسبب أرقام طلبات إعانة البطالة الأسبوعية التي نُشرت يوم الخميس مما أظهر تدهوراً في الطلبات المبدئية – بزيادة إلى 1.43 مليون طلب- وفي الطلبات المستمرة -بزيادة إلى 17 مليوناً.
وإذا فشل الكونجرس في التصرف، فمن المحتمل أن يتجمع عدد من القوى الاقتصادية التي تدور في حلقة سلبية ذاتية التدمير ومن الأمثلة على ذلك:
- قد يتعرض الاستهلاك لضربة أخرى خاصة مع انتهاء الإعانات الموسعة للبطالة.
- قد ينخفض الاستثمار الاقتصادي رداً على احتمالات الطلب الأضعف.
- قد يواجه عدد متزايد من الشركات احتمالات أكبر للتعرض للإفلاس.
- قد تواجه إدارات الولايات والمحليات عائدات أقل في خزائنها مما يجبرها على خفض الإنفاق أكثر وإقالة موظفين.
وفي المقابل، فمثل هذا المزيج قد يقضي على فاعلية دعم السيولة الاستثنائي المتواصل الذي قدمه الاحتياط الاتحادي للأسواق مما يجعل التقييمات أكثر عرضة للتقلصات الحادة والمفاجئة. وإذا تحقق كل هذا – وهو موضع احتمال مع الأخذ في الاعتبار قدرة السياسات على مواجهة المخاطر المتصاعدة- فإن الولايات المتحدة ستواجه تهديداً ثلاثياً كبيراً- كي تحقق نمواً مرتفعاً مستداماً وشاملاً ومطلوباً لتحقيق رخاء على المدى الأطول- وهو مزيج من تزايد عدم الأمان في اقتصاديات الأسر وإنتاجية منخفضة والمزيد من حلقات عدم الاستقرار المالي الواضح.
والضربة التي تطال باقي العالم ستتجاوز مجرد فقدان محرك مهم للنمو العالمي لفترة أطول. والضغوط الحمائية ستتزايد مما يذكي بالفعل التوترات في مجموعة من العلاقات الثنائية في الاستثمار والتجارة، خاصة بين الصين والولايات المتحدة. وستقل احتمالات حدوث تنسيق في السياسة العالمية. وستتزايد تحديات خدمة الديون التي تواجهها الدول النامية مع عجز بعضها عن السداد. 
ويتعين على المشرعين الأميركيين التصرف بشكل ملائم وعاجل تجاه هذه التحديات، ليس من خلال الاكتفاء بالموافقة على مشروع قانون يحافظ على مساعي الإغاثة ويعزز العلاقة ذاتية التدعيم بين المخاطر الصحية المنخفضة والنشاط الاقتصادي الأكبر في هذه الفترة من «التعايش مع كوفيد»، بل يتعين عليهم أيضاً التأييد، مع مرور الوقت، للاستجابتين السياسيتين، وهما مواجهة ضغوط الركود طويلة الأمد على الإنتاجية وتحجيم تصاعد انعدام الأمن الاقتصادي لدى الأسر، وهو مطلوب لضمان أن ينتهي بنا المطاف إلى كسب الحرب ضد الكساد وتحقيق سلام أطول أمداً من الرخاء الاقتصادي الاجتماعي الشامل وتحقيق استقرار مالي حقيقي.
*خبير مالي دولي.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»