هناك عالمان استمتعت بقراءة مساريهما الفكري في هذه الأيام، وما يقومان به اليوم، كل في مجال تخصصه، في عالم متغير ومضطرب، وهما الدكتور منصف السلاوي والسيد إيلون رييف ماسك.
أما الأول فهو علامة مغربي، عيّنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في منصب كبير المستشارين لعملية «Warp Speed»، التي تهدف إلى تطوير لقاح لفيروس كورونا المستجد، وغادر السلاوي، المولود في مدينة أغادير، المغرب لدراسة الطب في فرنسا، إثر حصوله على شهادة البكالوريا، ثم استقر في بلجيكا، حيث عكف على دراسة البيولوجيا الجزئية، وحصل هناك على الدكتوراه من جامعة «ليبر دو بروكسل»، وبعد سنوات اتجه إلى الولايات المتحدة، ليصبح غرسأستاذاً في جامعة هارفارد، ثم في جامعة تافتس ببوسطن. وحسب شبكة «سي إن إن» الأميركية، فقد ترأس السلاوي في الفترة بين عامي 2015 و2017 قسم اللقاحات في شركة الأدوية العملاقة «غلاسكو سميث كلاين»، وترأس قبل ذلك عمليات الأبحاث والتطوير العالمي فيها لفترة طويلة، وفي مجال اللقاحات، ساهم السلاوي في تطوير لقاحات للوقاية من التهاب المعدة والأمعاء لدى الأطفال، وسرطان عنق الرحم.. إلخ.
وقال ترامب: إن السلاوي «عالم مناعة معروف عالمياً»، وأنه ساهم في تطوير 14 لقاحاً جديداً على مر 10 أعوام، بحسب ما هو مذكور في فيروسالموقع الإلكتروني الرسمي للبيت الأبيض.
وإلى جانب تطوير لقاح فيروس كورونا، أضاف السلاوي أن عملية «Warp Speed» ستركز أيضاً على تطوير الأدوية للأشخاص المصابين بكورونا، وعلى «تحسين» الاختبارات التشخيصية للمرض.
أما الشخصية الثانية، فهي صاحب شركة «سبايس إكس»، الشاب العبقري إيلون رييف ماسك، فهو مهندس ومخترع خارج العادة، وُلد في جنوب أفريقيا عام 1971، ثم انتقل للعيش في أميركا، وأصبح مليونيراً عندما كان في العشرينيات من عمره، حين باع شركته الناشئة Zip2 إلى شركة Compaq للحواسيب، وحقق المزيد من النجاح بتأسيسه شركة أكس دوت كوم X.com عام 1999، وشركة سبيس إيكس عام 2002، وشركة تيسلا في 2003، تصدّر ماسك عناوين الأخبار في عام 2012، حين أطلقت شركته «سبيس اكس» صاروخاً فضائياً، أرسل أول مركبة تجارية لمحطة الفضاء الدولية، وفي عام 2016 ملأ معرض أعماله بصور المدينة الشمسية سولار سيتي SolarCity، ورسخ وجوده على عرش القادة الصناعيين، بعد أن لعب دور المستشار في الأيام الأولى لتولي الرئيس الأميركي الحالي منصبه، وفي سن العاشرة بدأ إيلون بتطوير نفسه تباعاً، فشرع بتنمية قدرته على استخدام الحاسوب وتعلم لغات البرمجة، وقد نجح بالفعل، حيث صنع أول برنامج قابل للبيع، حين قام بتصميم لعبة سماها بلاستر Blaster.
وفي عام 1989، عندما بلغ السابعة عشر انتقل إلى كندا لارتياد جامعة كوين Queen. وفي 1992، غادر كندا ليدرس الفيزياء وإدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا Pennsylvania، وهناك حصل أيضاً على شهادة في الاقتصاد، ثم على درجة بكالوريوس ثانية في الفيزياء.. إلخ، وأنا أتابع مسيرته، وجدت لديه عزوفاً عن تعليم أبنائه الصغار في المؤسسات التعليمية الأميركية، لأنها في نظره لا تشجع المهارات ولا تخلق الإبداع في عقول الأطفال، لذا بدأ في رسم خريطة تعليمية خاصة لأبنائه!
وقد التحمت المركبة «كرو دراغون»، التابعة لشركته «سبايس إكس» مؤخراً، وعلى متنها الرائدان روبرت بنكن ودوغ هورلي، بمحطة الفضاء الدولية، بعد أن انطلقت في رحلتها المأهولة الأولى، وهذه أول رحلة مأهولة إلى الفضاء، تنطلق من الأراضي الأميركية منذ نحو تسع سنوات.
وحضر الرئيس ترامب شخصياً عملية الإطلاق على بعد بضعة كيلومترات، وقال: «لا أحد يقوم بذلك مثلنا»، معتبراً أنّ إنجازات الولايات المتحدة في الفضاء هي «أحد الأمور الأكثر أهمّية التي قامت بها».
سعدت أيما سعادة بتألق هاتين الشخصيتين، وكلاهما من أصول أفريقية، وأحدهما من بلدي المغرب، وقد سردت هنا بعضاً من مساريهما، لأؤكد أن الأمم لا يمكن أن تتطور إلا بتشجيع أبنائها على البحث العلمي بكل الطرق الذكية الممكنة، وقبل هذا وذاك، يجب غرس قيمة الإبداع والبحث والثقة في نفوس الأطفال والطلاب دونما استثناء.