يوجَد في المملكة المتحدة -على الصعيد الأكاديمي- تصنيف يُعرَف بـ«إطار التفوق البحثي» (Research Excellence Framework-REF)، وهو تقييم وتصنيف لتأثير البحث العلمي في مؤسسات التعليم العالي والمراكز البحثية البريطانية، سواء الأكاديمية أو الصناعية، ويُجرى التصنيف كل أربعة إلى خمسة أعوام تقريبًا. وكان التقرير الأخير الصادر في عام 2021 تقييمًا للمدة بين عامَي 2018 و2021.
ويقوم «إطار التفوق البحثي» على إجراء تصنيفات شاملة لنتائج الجامعات والمراكز البحثية -كما في تقرير عام 2021- بناءً على معايير عدَّة منها القوة البحثية، وحصة السوق، إذ تُحسب القوة البحثية عن طريق ضرب المعدل التراكمي المؤسسي في عدد الموظفين بدوام كامل المقدمين من قِبل المؤسسة. أمَّا حصة السوق، فتستخدم وزنًا يعكس توزيع المنح الصناعية المالية. ويُبرز هذا التقييم أهمية «حصة السوق» بصفتها مؤشرًا أساسيًّا إلى أداء الجامعات ومراكز البحث، ما يعكس تأثير البحوث العالية الجودة في التمويل والاعتراف المؤسسي للمركز البحثي.
وتتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بوجود تصنيف محلي لمؤسسات التعليم العالي على المستوى الاتحادي، أطلقته وزارة التربية والتعليم، ويقسم المؤسسات إلى ثلاث فئات: عالية الثقة، ومتوسطة الثقة، ومنخفضة الثقة، وتصنيف آخر دشَّنته «هيئة المعرفة والتنمية البشرية» في دبي، ويصنف الجامعات عن طريق نظام النجوم الخمسة، وهذان التصنيفان مهمَّان محليًّا، ومشابهان للتصنيفات العالمية العامة مثل «كيو إس» و«ذا تايمز».
وكما برزت دولة الإمارات في التصنيفات المحلية العامة لمؤسسات التعليم العالي، يمكن أن تطلق أيضًا مؤشرًا يُعنى بالتصنيف الوطني للبحث والتطوير، ولا سيَّما أنها أطلقت مجالس تشريعية للبحث العلمي، ففي عام 2008 أُنشئت «الهيئة الوطنية للبحث العلمي»، وأدَّت دورًا فعالًا في تشجيع حركة البحث العلمي الأساسي والتطبيقي في الدولة، وحققت إنجازات مشهودة، وفي عام 2020، على مستوى إمارة أبوظبي، أُنشئ مجلس أبحاث التكنولوجيا المتطورة، الذي يُعد أول مجلس تشريعي للبحث العلمي، وتبعه -بعد عام- إنشاء مجلس الإمارات للبحث والتطوير على المستوى الاتحادي.
ويساعد هذا التطور التشريعي في مجال البحث والتطوير على إعداد المؤشرات الوطنية الخاصة بالبحث العلمي، لقياس النتائج الحقيقية لمخرجات مؤسسات التعليم العالي والمراكز البحثية في القطاعات الأكاديمية والصناعية بدولة الإمارات العربية المتحدة، كما يسهم في زيادة معدل الإنفاق على البحث والتطوير البالغ نحو 1.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (GDP) تحت مظلة توطين المعرفة وإنتاجها.
ولا شكَّ في أن وجود تصنيف بحثي للجامعات والمراكز البحثية، الأكاديمية أو الصناعية، في دولة الإمارات -استنادًا إلى مؤشرات وطنية موحَّدة مثل مؤشر التصنيف الوطني للبحث والتطوير- يشجع هذه المؤسسات على التنافس في مخرجات البحث العلمي الملموسة، ونقل المعرفة، وتوطينها، ما يعود بالفائدة على المجتمع الإماراتي، ويحقق أرباحًا لدولة الإمارات ضمن اقتصاد المعرفة، الذي يعزز قوتها الناعمة، وريادتها في مجال البحث والتطوير على مستوى العالم.
*مستشار جمعية المهندسين الإماراتية