تصر لايل برينارد، نائبة مدير المجلس الاقتصادي الوطني للولايات المتحدة، على أن الاقتصاد الأميركي تحسن بشكل ملحوظ منذ الصدمة المزدوجة لجائحة كورونا والعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وعاجلاً أم آجلاً، سيلاحظ الأميركيون ذلك. لكن كبيرة المستشارين الاقتصاديين للرئيس جو بايدن تقر بأنه ما تزال هناك فجوة في الإدراك.

وتُظهر استطلاعات الرأي في الآونة الأخيرة أن نحو ثلثي الأميركيين نظرتهم سلبية لمعالجة الرئيس للاقتصاد، وهذا من المحتمل أن يعوق إعادة انتخابه في عام 2024. والإيجابيات تتمثل في انخفاض سعر الغاز بنحو 1.40 دولار منذ ذروته. وانخفضت بعض أسعار مواد البقالة، وانخفض معدل التضخم أكثر من النصف، من 9.1 بالمئة على أساس سنوي إلى أربعة بالمئة، وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك. وهناك وفرة في الوظائف، إذ انخفض معدل البطالة إلى 3.7 بالمئة في شهر مايو.

لكن ألا يتفوق التضخم على كل شيء بعد أن ظل ضعفيْ نسبة 2 بالمئة التي يستهدفها الاحتياطي الاتحادي؟ تقول برينارد: «إن الحصول على وظيفة يتفوق على كل شيء والحصول على وظيفة جيدة شديد الأهمية. والصورة الكاملة هي أن الناس لديهم ثروة صافية أفضل، ومتانتهم المالية أكبر.. صحيح أنهم عانوا من ارتفاع الأسعار، لا سيما سعر الوقود نتيجة الحرب، وسلاسل التوريد المتعثرة. لكن هذه الأسعار تعود إلى طبيعتها الآن، كما انخفض التضخم كثيراً».

وتبدي برينارد ملاحظةً أكثر تفاؤلاً بشأن «التضخم الأساسي» الذي يستبعد أسعارَ الغذاء والطاقة، من رئيسها السابق جيروم باول رئيس الاحتياطي الاتحادي. وفي الأسبوع الماضي، قال رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي إنه لا يتوقع أن يصل التضخم الأساسي إلى 2 بالمئة حتى عام 2025. لكن برينارد قالت مؤخراً إنه في نطاق التوقعات قد نشهد انخفاضاً في التضخم الأساسي إلى اثنين بالمئة أو أعلى قليلاً، قبل انتخابات نوفمبر 2024.

وترى أن «هناك كل الأسباب التي تدعو للاعتقاد بأن هذا ممكن»، مستشهدةً بتوقعات مفادها أن كلفة الإسكان، وهي عنصر أساسي للتضخم الأساسي، ستنخفض كثيراً خلال النصف الثاني من هذا العام. وأفادت وزارة التجارة في الأيام الأخيرة من يونيو المنصرم بأن النمو الاقتصادي للربع الأول من عام 2023 تم تعديله بالزيادة إلى معدل سنوي قدره اثنين بالمئة، أي نحو ضعف التقدير الأولي البالغ 1.1 بالمئة المعلن في أبريل الماضي.

وتعتقد برينارد أنه «من الصعب ألا نستنتج بأن الاقتصاد الذي ربما ينطوي في الواقع على قدر ما من المتانة والمتاعب، يبلى بلاءً حسناً». وانضمت الخبيرة الاقتصادية القادمة من جامعة هارفارد إلى فريق بايدن في البيت الأبيض في فبراير الماضي، بعد تسعة أشهر قضتها كنائب لرئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي وتسع سنوات كعضو في مجلس محافظي الاحتياطي الاتحادي. والآن في دورها السياسي، قد تكون أكثر دعماً لسياسات بايدن الاقتصادية.

وهي تعتقد أنه حان الوقت للدفاع عن رفض الرئيس للتخفيضات الضريبية للأثرياء، وهي السياسة التي كانت تزعم تسلل فوائد الخفض الضريبي إلى الطبقات الأفقر في عهد ريجان، ودعم السياسات التي يقول بايدن إنها ستوسع الطبقة الوسطى. وإحدى مبادرات بايدن الرئيسية التي تتمثل في إعفاء الطلاب من ديون تصل إلى 20 ألف دولار لملايين الأميركيين ما زالت أمام المحكمة العليا، ومن المتوقع صدور قرار في الأيام القليلة المقبلة. وقد رفضت برينارد الكشف عن أي خطط طوارئ للبيت الأبيض في حالة إلغاء البرنامج.

وفي مقابلة معها في الآونة الأخيرة ذكرت برينارد بعضَ النقاط مثل أنه إذا فاز بايدن بولاية ثانية فإنه إدارته ستعالج قضايا طويلة الأمد، مثل نقص العمالة وإصلاح الهجرة والديون. وقالت إنه سيكون من المهم جداً بالنسبة لمستقبل البلاد إجراء حوار جاد ومتوازن حول إصلاح مالي أكثر جوهرية. وذكرت أن الرئيس واضح جداً في ميزانيته حول إنشاء نظام ضريبي أكثر عدلاً.

وأكدت أن اهتمام الإدارة ينصب على التأكد من أن الأميركيين من الطبقة الوسطى في وضع اقتصادي أقوى مع فرص عمل أفضل، وقدرة تمكنهم من الحصول على التدريب، وأيضاً التمتع بثقة أكبر بأن بعض الصناعات الرئيسية وبنيتها التحتية ستشهد شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، بدلاً من التراجع تماماً.

وسألناها عن المسؤولية التي تتحملها إدارة بايدن لمساعدة الشركات الأميركية التي تواجه رد فعل عنيفاً على سياسات بايدن، مثل الحظر الذي تفرضه الصين على رقائق ذاكرة ميكرون تكنولوجي، فردت بأن العلاقات الاقتصادية مع الصين معقدة، وأن الصين لعبت دوراً معقداً في نظام التجارة العالمي لفترة طويلة. وذكرت أن هناك بعض الممارسات التي انخرطت فيها الصين وأدت إلى ضياع حقوق التكنولوجيا والملكية الفكرية. وترى أنه من المهم حين نعالج القطاعات التي لدينا فيها مصالح أمنية وطنية وأمن اقتصادي، أن نتبع نهجاً دقيقاً واضح الأهداف. وأضافت أن الإدارة كانت واضحة في تقليص المخاطر وليس الانفصال عن الاقتصاد الصيني.

ومضت تقول إنه من المهم التأكد من أننا نحمي بعناية التقنيات الرئيسية التي تعتبر حيوية لأغراض الأمن القومي. وأضافت أن الإدارة تعمل مع جميع الشركات لمحاولة تحقيق هذا التوازن الصحيح. وأكدت أن هذا ليس خاصاً بالولايات المتحدة، بل هناك أصدقاء وحلفاء حول العالم ستسمعونهم يتحدثون عن تقليص المخاطر، وليس الانفصال عن الاقتصاد الصيني.

*مديرة مكتب «كريستيان ساينس مونيتور» في واشنطن.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»