تواصل دولة الإمارات إطلاق المبادرات الرامية للحفاظ على البيئة وحمايتها، من منطلقات أساسية، ترتبط بشكل جوهري بموروث وثقافة أصيلة، ترسخت في الدولة منذ مرحلة مبكرة، حتى غدت هذه المبادرات والمشاريع تستهدف حاليًا مسألة «الحياد المناخي» عبر الزراعة الطبيعية التي تقلل معدلات ثاني أكسيد الكربون.

الحديث هنا عن المبادرة التي أطلقتها كل من هيئة البيئة - أبوظبي وشركة مبادلة للطاقة، حيث أعلنت الشركة مبادرة لزراعة 700 ألف شجرة قرم، بواقع زراعة 100 ألف شجرة سنويًا حتى عام 2030، لتكون من أوائل الشركات المتعاونة مع هيئة البيئة -أبوظبي ومبادرة القرم -أبوظبي، في إطار دعم أهداف الحياد المناخي ومبادرة «تحالف القرم من أجل المناخ» في الدولة.

وتكمن أهمية هذه المبادرة في كونها تسهم في الحفاظ على أشجار القرم واستعادتها في بيئتها الأصلية، إضافة إلى أنها من الحلول القائمة على الطبيعة التي تحقق الحياد المناخي، عبر تخفيف نِسَب ثاني أكسيد الكربون، فأشجار القرم تعمل على تخزين كمّيات من الكربون لكل وحدة مساحة بمستوى يفوق أي نظام بيئي مماثل على وجه الأرض، حتى أصبحت تُعرف بأنها عنصرٌ حيويٌّ في عزل الكربون في الطبيعة، علاوة على فوائد هذه الأشجار في التقليل من مخاطر تآكل السواحل، والفيضانات، وتوفير بيئة غنية جدًّا لصيد الأسماك.

وقد أشار منصور محمد آل حامد، الرئيس التنفيذي لشركة مبادلة للطاقة إلى أن إعلان الشركة توسيع نطاق جهودها الرامية للحفاظ على أشجار القرم تأتي لدعم أهداف الإمارات المتعلقة في التزاماتها للوصول إلى الحياد المناخي. فيما أشارت سعادة الدكتورة شيخة سالم الظاهري، الأمين العام لهيئة البيئة - أبوظبي إلى أن مبادرة شركة مبادلة للطاقة لتطبيق برامج استعادة أشجار القرم المبنية على أسس علمية يمثل إنجازًا مهمًّا في مساعي الاستفادة من الحلول القائمة على الطبيعة في تقليل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، خصوصًا أن إمارة أبوظبي تُعدّ من الرواد على مستوى العالم في مجال استعادة نظم القرم. وعلى مدى السنوات الثلاثين الماضية، زادت مساحة أشجار القرم في الإمارة بنسبة 92%.

وتزامنت المبادرة التي أطلقتها هيئة البيئة -أبوظبي وشركة مبادلة للطاقة، مع اتفاقية وقّعتها الهيئة مع شركة جزيرة الجبيل للاستثمار، تسعى إلى وضع جميع مشاريع إعادة تأهيل أشجار القرم المحلية، تحت مظلة «مبادرة القرم -أبوظبي»، لضمان التنسيق الفاعل في هذا المجال، حيث تستهدف هذه الاتفاقية إنشاءَ وتشغيل مركز الابتكار لأشجار القرم بالجبيل في إطار مبادرة القرم -أبوظبي، بما يوفر إشرافًا علميًّا لجميع الأنشطة ذات الصلة بزراعة أشجار القرم التي تتم في إمارة أبوظبي وتحديد الأولويات وخطة العمل ذات الصلة بالمبادرات التعليمية والتوعوية في هذا الإطار.

إن مبادرة «القرم -أبوظبي» تعدّ من المشاريع البيئية الإيجابية الرائدة محليًّا وعالميًّا، التي تؤكد الجهود التي تبذلها دولة الإمارات في تعزيز العمل من أجل المناخ، إضافة إلى جهود ضمان استدامة البيئة البحرية وموائلها الطبيعية وحماية أشجار القرم التي تُعدّ من أكثر النّظم البيئية الساحلية إنتاجية في العالم، وهو أمر تتعاظم أهميته بالتزامن مع عام الاستدامة 2023، واستضافة «كوب 28».

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.