صوت التشيليون في 4 سبتمبر على دستور جديد يحل محل الميثاق الذي تم التصديق عليه خلال دكتاتورية الجنرال أوجستو بينوشيه. وأظهرت النتائج رفضهم له. ويعد الاستفتاء تتويجاً لعملية انطلقت لأول مرة وسط احتجاجات واسعة النطاق مناهضة للحكومة في عام 2019 واجتذبت اهتماماً دولياً.

على الرغم من أن ما يقرب من 80% من السكان قالوا إنهم يريدون دستوراً جديداً، تظهر استطلاعات الرأي أن المسودة النهائية مثيرة للانقسام إلى حد كبير. فما هي المخاطر التي يشكلها الاستفتاء على الدستور في نهاية هذا الأسبوع بالنسبة لتشيلي، والمنطقة؟

عندما طغت الاحتجاجات على ارتفاع تكاليف المعيشة وانتشار عدم المساواة في تشيلي في عام 2019، سعت الحكومة الحالية إلى نزع فتيلها من خلال الموافقة على إعادة صياغة الدستور، الذي يعود تاريخه إلى ديكتاتورية الجنرال بينوشيه ويجعل التغيير الاجتماعي والسياسي صعباً.

وفي استفتاء عام 2020، وافق التشيليون بأغلبية ساحقة على أنهم يريدون دستوراً جديداً واختاروا تشكيل مؤتمر دستوري لصياغته. وقد حظيت هذه المجموعة، المكونة من 155 مندوباً منتخباً، بإشادة على المستوى الدولي لكونها ممثلة بدرجة عالية: فهناك تكافؤ بين الجنسين، ويتضمن المؤتمر مقاعد للمجتمعات التي تم تجاهلها منذ فترة طويلة مثل السكان الأصليين والمواطنين المثليين.

أمضى المؤتمر العام الماضي في مناقشة وصياغة مسودة دستور جديدة من الصفر، والتي إما سيتم التصويت عليها باعتبارها «ماجنا كارتا» (أو وثيقة حقوق) جديدة في نهاية هذا الأسبوع، أو سيتم رفضها كليةً.

يتضمن الدستور المقترح 388 مادة. وهو يكفل حقوقاً جديدة تتعلق بالبيئة والجنس والتعليم، ويلغي مجلس الشيوخ البالغ من العمر 200 عام، ليحل محله غرفة تمثل المناطق. وتعترف المسودة أيضاً بتشيلي كدولة «متعددة القوميات، تتكون من أمم مختلفة»، في إشارة إلى الشعوب الأصلية وأقاليمها المتمتعة بالحكم الذاتي وأنظمة العدالة.

يقول ديفيد لانداو، أستاذ القانون في جامعة ولاية فلوريدا والذي يدرس صياغة الدساتير، إن المحافظين «حققوا بعض النجاح في تأطير الدستور كمشروع يضعف وحدة الدولة التشيلية». وأضاف: «هذا التأطير ليس بالضرورة دقيقاً... [ولكن] هناك تصور بأن هذه تغييرات جذرية في الدولة التشيلية».

وكانت استطلاعات الرأي أظهرت الفجوة بين «الرفض» (46%) و«التأييد» (37%) تضيق في الفترة التي تسبق الاستفتاء. ويقول المراقبون إنه بغض النظر عن الطريقة التي سيُجري بها التصويت، فإن عملية صياغة دستور جديد سيكون لها آثار إقليمية وعالمية دائمة.

يقول الدكتور لانداو، الذي قضى عدة أشهر في تشيلي يدرس إعادة صياغة الدستور هذا العام: «هناك بعض الأفكار المهمة حقاً في الدستور والتي ستكون مؤثرة». ويضيف: «هذا هو أول دستور أعرفه والذي سيضمن التكافؤ بين الجنسين في جميع مؤسسات الدولة الرئيسية، وليس الكونجرس فقط. ولن يكون الدستور الأخير».

تقول سيسيليا أوسوريو جونيت، الأستاذة بجامعة تشيلي، إن تصويت يوم الأحد، والذي يُلزم القانون المواطنين بالمشاركة فيه، هو «أحد أهم الاقتراعات» في تاريخ تشيلي الحديث. إذا تمت الموافقة على المسودة، فستدخل حيز التنفيذ على الفور، على الرغم من الحاجة إلى تشريع العديد من الجوانب، مثل إصلاحات أنظمة التعليم والرعاية الصحية. وهناك أيضاً احتمال أن يتم تعديل بعض البنود الأخرى، بما في ذلك التسمية «متعددة القوميات»، من قبل الكونجرس بعد الموافقة عليها.

ولكن، إذا تم رفض المسودة، فستعود إلى المربع الأول، وهذا ما حدث، تقول الدكتورة أوسوريو: «يجب تعديل الدستور الحالي. فهناك فهم واضح بأنه لا يعمل وأنه غير شرعي». قد يعني ذلك تشكيل مؤتمر دستوري آخر، كما اقترح مؤخراً الرئيس جابرييل بوريك، أو إصلاح من قبل الأحزاب السياسية التقليدية ومسؤوليها المنتخبين في الكونجرس.
وعلى الرغم من أن الاستطلاعات رجحت مسبقاً رفض مسودة الدستور، وهذا ما حدث بالفعل، إلا أن أوسوريو تشير إلى أن مثل هذه الاستطلاعات كانت خاطئة من قبل. على سبيل المثال، إذا امتثل عدد كاف من الشباب التشيلي للقانون وتوجهوا إلى صناديق الاقتراع، فإنها تقول إنها لن تتفاجأ إذا فازت مسودة الدستور بأصوات أكثر مما كان متوقعاً.
بغض النظر عن النتيجة، يقول المؤيدون إن هذه العملية كانت نعمة. يقول الدكتور لانداو إن تشيلي «كانت قادرة على استخدام عملية وضع الدستور كوسيلة سلمية لمحاولة حل الانقسامات الاجتماعية العميقة. ومع رفض النص، فإنه يُظهر إمكانية ووعد هذا النوع من العملية الديمقراطية - على الصعيدين الإقليمي والعالمي».

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»