لا شك أن الوضع العربي الحالي الآن وضع (كاريكاتيري)، تظهر خلاله نزاعات وتطورات متلاحقة. وقد يجد رساموا الكاريكاتير الآن فرصة سانحه لأفكارهم وبيئة خصبة وثرية لرسوماتهم الساخرة الجاهزة التي لا يتعبون في البحث عنها!!. 
ولو عدنا إلى فن الكاريكاتير، فهو يعتبر من الفنون البصرية الضارب أطنابه في الذاكرة منذ القدم، من أيام الفراعنة إلى الآن، لسخونته وقوة بلاغته. ويعتبر من الفنون البصرية المؤثرة الساخرة، لسرعة التقاط الفكرة وبلورتها بموضوع ما يقدم للقارئ بشكل مبسط لكنه غير مألوف، على طريقة (السهل الممتنع). لكن الفكرة تحمل معانٍ كبيرة وأبعاداً عميقة لتفسيرها، ربما تجر هذه الفكرة خلفها دبابات دولة على أخرى، لأنه فن يتحرك مع الحدث اليومي ويرصده، وقد حصل خلافات دول ما بينها بسبب قوة فن الكاريكاتير وتأثيره وسطوته على الشارع والرأي العام ليألب الرأي من خلال رسمة بسيطة لكن معانيها كبيرة وعميقة ومثيرة للدهشة، من خلال خطوط بسيطة لكنها فكرة يطرحها الرسام المبدع أمام المتلقي ويتفنن في تكوينها من خلال ومضة وجرة ريشة لجعل من هذه الخطوة قصة مبهرة وملهمة الاستغراب والتأويل ومفعمة بالتفسيرات اللاذعة، يوصلها المبدع من خلال لمحته الذكية الفنية الفَطِنة لتكون قصة أمام الناس وتفسيرها ويتداولها القراء وتصبح محط أنظارهم وترويتهم.
فن الكاريكاتير يسبر غوار الحقيقة من دون خوف أو عناء. ويكشف المستور ويبحث عن الحقيقة بطريقة مباشرة وقوية من دون مواربة. أو تردد، لأنها الأسس الخطيرة من ركائز وثوابت وأهمية الكاريكاتير ودوره الفاعل المؤثر ومهمته السامية ورسالته الفنية الخالية من الشوائب. 
الكاريكاتير موهبة فنية بارعة لايتقنها إلا صاحب الريشة الرشيقة القوية المعبرة والفكرة المدهشة حتى للموهوب المبدع نفسه لشدة بلاغتها وتأثيرها. وانعكاس ردود أفعالها وتفسيراتها، حين يتجلى ويتجرد المبدع من الرهبة والخوف، ليصقل وليطلق الفكرة من دون خمول وتكون بمثابة حاسة استشعار للآخرين يوقظ فيهم الحماس ويشعل فيهم الحمية، ويحيي فيهم الضمير، ويقوي الذاكرة في تفسيراتهم وتأويلاتهم من خلال هذه الومضة التي تستهدف الجمود والكسل واليأس والإحباط.
الرسم الكاريكاتيري سلاح قوي ذو مضامين، وحاد في مواجهة الظلم والفساد والغدر والقمع. فهو مصباح متسلط على الظلام أينما كان ووجد، يبحث عن الضوء ليسلطه على العتمة. والذي لا يمتك موهبة حقيقية مغمسة بحبر الكاريكاتير الحقيقي يفترض ألا يقربه أو يتعبث به، لأنه أسلوب ساخر مبهر لديه القدرة على بلاغة التصويب، يتلبس حالة الرسام أينما يذهب ويكون، ويعكس شخصيته وأسلوب تعامله مع الآخرين. وهذا الفن المبهر الساخر الساحر الصاخب الموجع، لايستطيع لوي عنقه وثنيه وترويضه إلا فارس عنيد يجيد الوثوب عليه وامتلاك صهوة جواده الجامحة ليروضها في مضمار الحقيقة. وينبري للحرية والدفاع عنها، لأنه يمتاز بسهولة نقل الفكرة للمتلقي ويعتبر من أصعب الفنون وأخطرها دقة وبلاغة وتصويباً. ومن خصائصه المبالغة والتضخيم والتهويل وهو حيز لفن مالا يمكن قوله، بارع في تحريف الملامح الطبيعية والمبالغة. 
الكاريكاتير يختصر المثير ويختزل الفكرة ويُطلِقها ويداعب ويدغدغ مشاعر وأحاسيس المتلقي ويلهمه، بطريقة لاذعة وساخرة، وربما (يضحكك أو يبكيك)، في آن واحد، لأنه ممكن يؤول من خلال الفكرة إذا كان من دون تعليق وقليل الشرح، وهذا الأهم والأبلغ للمضمون لأنه يتمرد على الرسم الطبيعي والتقليدي وحتى الأكاديمي، وهو يفوق الدراسات والمقالات في سرعة إيصال الموضوع من خلال الرسم والصورة.
فن الكاريكاتير اسم مشتق من الكلمة الإيطالية (كاريكير)، وتعني المبالغة بالشيء، وهذا ديدنه وخصائصه، ويعتبر من الفنون النادرة لقلة رساميه وقلة المهتمين به أيضاً!
* كاتب سعودي