الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البلاستيك في الدسم

البلاستيك في الدسم
30 ديسمبر 2018 02:46

«المستقبل إما أن يكون أخضر، أو بلا لون على الإطلاق»

بوب براون، سيناتور أسترالي، وناشط بيئي

من ضمن الحملة-الحرب على البلاستيك في عدد من البلدان المتقدمة، هناك صدمة تتجدد، بل هي جديدة عند شرائح واسعة من البشر في كل الأرجاء.
الصدمة ببساطة تتعلق بوجود جزئيات البلاستيك الصغرى (كما يطلقون عليها) في السلسلة الغذائية البشرية! بالطبع توصلوا إلى هذا الاستنتاج بعد تجارب تمت على متطوعين.
يعني هذا أن «البلاستيك في الدسم». ويحرص «محاربو» البلاستيك الشرسون على إظهار أن الغالبية العظمى من كميات المادة المشار إليها، تدخل جسم الإنسان عن طريق تناول المأكولات البحرية، ولاسيما الصدفية منها.
غير أن بعض المختصين المتوازنين يتحدثون عن أن مثل هذه التجارب تجري على نطاق محدود، فضلاً عن أن الآثار الصحية لجزئيات البلاستيك في الأطعمة ليست محسومة فيما لو كانت خطيرة أم لا.
ويمضون أبعد من ذلك، بالقول، إن مياه الصنابير والعبوات تساهم أيضاً في وصول الجزئيات المذكورة لجسم الإنسان.
المهم أن هناك حرباً قوية متصاعدة تأخذ أشكالاً جديدة على البلاستيك، وحجة الذين يشنونها، أن نسبة من البلاستيك تصل إلى البحار والمحيطات، وبالتالي تدخل بصورة أو بأخرى في النظام الغذائي للحياة البحرية.
لكن هناك مع يرى مبالغة كبيرة في هذا الخصوص.
صحيح أن هناك ارتفاعاً سنوياً كبيراً في إنتاج البلاستيك (بحدود 348 مليون طن)، لكن الصحيح أيضاً أن ما بين 2 و5 في المائة منها فقط ينتهي في المحيطات، وهي نسبة قليلة جداً عند خبراء يعتقدون بأن التخويف من البلاستيك مبالغ فيه، مؤكدين أن هذه النسبة تأتي أساساً من دول في أفريقيا وشرق آسيا، أي أن البلدان الغربية وكثيراً من الدول الأخرى تتبع معايير التخلص المتطور من البلاستيك، سواء عبر إعادة تدويره أو باستخدامه عدة مرات.
باتت الحملة على البلاستيك في البلدان المتقدمة تنتج اقتصاداً آخر، وذلك عبر سلسلة من التشريعات التي تفرض حتى شراء أكياس التسوق.
وثمن هذه الأكياس يخضع أيضاً للزيادة.
ففي بريطانيا يخططون الآن لرفع سعر كيس التسوق إلى الضعف، ويضعون اللمسات الأخيرة لقانون إعادة زجاجات البلاستيك للمتاجر، ومنع مؤسسات تعليمية وعمالية وغيرها من تداول الأكياس التي تستخدم لمرة واحدة فقط.
والأمر نفسه يجري تقريباً في كل البلدان الأوروبية الأكثر تقدماً.
الأموال الناتجة عن الحرب على البلاستيك تعود إلى الجهات البيئية المختلفة، لكنها أيضاً تزيل جزءاً من الأعباء المالية عن الحكومات، ما يدفع المشككين في هذه الحرب للاعتقاد بأنها تستهدف حماية البيئة بلاشك، ولكنها تهدف لجني الأموال أيضاً.
لن تتوقف الحرب على البلاستيك بكل أنواعه وأشكاله واستخداماته، وهي بالفعل تؤسس لـ«قطاع» جديد بعوائد مالية متزايدة في البلدان التي تتمتع أصلاً باقتصادات كبيرة.
وسواء دخل البلاستيك في الطعام أم لم يدخل، فكل الأشياء خاضعة لإعادة النظر، بما فيها تلك التي يتم التعاطي معها تلقائياً بدون تفكير أو حساب.

محمد كركوتي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©