عدد اليوم
كلما ارتفعت الآمال بإقدام مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «البنك المركزي» على خفض الفائدة تظهر بعض المؤشرات على أن ذلك لم يتم قريباً، الأمر الذي يزيد بالطبع من قوة العملة الأميركية، بحيث بلغ مؤشر الدولار قبل أيام أعلى مستوى له منذ نوفمبر 2023.
المشرعون الأميركيون لا يزالون يعتقدون أن مستويات التضخم عالية بما يكفي للتريث قبل خفض تكاليف الاقتراض، فقد سجلت الشهر الماضي 3.5%، أي أنها لا تزال بعيدة عن الحد الأقصى الرسمي للتضخم 2%، على الرغم من أن الولايات المتحدة تتصدر البلدان المتقدمة في نجاحها بخفض أسعار المستهلكين في الأشهر الماضية، لكن يبدو أن «الفيدرالي» ليس متسرعاً لتغيير سعر الفائدة نحو الأسفل حيث تبلغ في الوقت الراهن ما بين 5.25 و5.50%.
في ظل هذا الوضع غير الواضح، يتزايد تمسك المضاربين بالدولار الأميركي كملاذ آمن في فترة التوترات، ولا سيما تلك التي تجري في الشرق الأوسط، الأمر الذي أبقى هذه العملة في مستويات عالية للغاية، وزاد بالطبع من المصاعب التي تواجهها الدول المكبلة بالديون، وغالبية هذه الديون مقومة بالعملة الأميركية. ويبدو أن مؤشر الدولار سيواصل احتفاظه بمستواه العالي في الأيام المقبلة، في ظل ارتفاع الطلب عليه من قبل المستثمرين، ضمن إطار إقبال المتداولين عموماً على أصول الملاذات، ففي الأسابيع الماضية تعززت وضعية الدولار، ولا سيما في ظل عدم وضوح الرؤية حيال مستقبل الفائدة قبل نهاية العام الحالي، فكل التوقعات كانت تصب في أن «الفيدرالي» سوف يخفض الفائدة بنسبة 0.75% على الأقل قبل نهاية السنة الجارية.
كل شيء يرتبط في النظرة المستقبلية للفائدة الأميركية في الوقت الراهن، إلى جانب التوترات الراهنة في المنطقة.
في ظل هذه الأجواء جرت عمليات بيع ضخمة للأصول عالية المخاطر، كما ارتفعت بقوة سندات الخزانة الأميركية، بالإضافة طبعاً لعملات الملاذ الآمن، كما يصفها المستثمرون. واللافت أن أحداً على الساحة الأميركية لم يعد يهتم كثيراً بمسألة النمو، وذلك لسبب واحد واضح، وهو أن الاقتصاد الأميركي يتمتع بالفعل بقوة كبيرة حتى في هذه المرحلة الانتقالية الراهنة المضطربة، وتمكن من إضافة المزيد من الوظائف في السوق المحلية، واستفاد من تشجيعات حكومية لبعض القطاعات الاستراتيجية، الأمر الذي يقلل من حرص المشرعين على خفض الفائدة سريعاً.
