في الخمسين تبدو الإمارات جدائل تضفر الأحلام الزاهية، وتمضي في الفرح بتلات لزهر الحياة، تبدو الإمارات، خصلات على الجبين اللجين، تبدو الإمارات بحراً يرتب بياض موجاته، تبدو الإمارات قيثارة تدوزن اللحن كونياً، وترتل الوعي مزاجاً لوحدة الوجود.
في الخمسين الأرض الطيبة تنبت عشبها اليانع، وتحصد يفوع أشجارها الخضراء، هو كذلك الفرح يفرج عن مباسم أشبه بالورد، ورضاب شهده هذا النسل المبجل لعيون من بريقها يشع الوطن جذلان، بالسعادة، وتمضي الركاب في خبوب، وهبوب، يمنح القلب فسحات من ريعان، وسويعات دقائقها تدق دفوف الأمنيات الكبيرة، هو هكذا الوطن يبدو في شبابه بريقاً، أنيقاً، سمته التفتح، والازدهار، والإبهار، وعنق زجاجته ملؤه الأناقة واللباقة، هو هكذا وطني الإمارات، في مشيته جلال، وفي بوحه دلال، وفي سيره اعتدال وفي تاريخه إرث الذين أسرجوا الخيل تواقة للوصال، وعلى السنام أرخت النوق أجمل الخصال.
هو هكذا وطني يسكب الأحلام شهداً في الضمير، ويخصب الأيام رونقاً في المسير، والطير في فضاءاته يكتب عن قيادة، ووطن وشعب، بحبر من أثير، والحكاية في قبلها، وفي بعدها، نواهل، وقوافل في زمانها لا تنكسر الإرادة، ولا تنحني العزيمة، ولا تنغلق نوافذ، ومحارة القلب ملأى بدرر، وجوهر، والبحر أزرق لشدة الصفاء، والسماء نجلاء لكثرة النقاء، والناس هنا ساهرون على المنجز، كأنهم الموجة تغدق السفن بالهدهدة، والناس هنا كالنخلة تسهب في الترنيمة، من أجل عالم مبتسم، من أجل تاريخ يسجل لحن الوجود عند أوتار بلد علمت الناس كيف يكون للفن مذاق الزنجبيل، كيف يكون للحلم ذائقة القهوة العربية، كيف يكون للحياة ابتسامة أوسع من المحيط، كيف يكون للإنسان بوح لا تحده حدود، ولا تصده ردود، كيف، وكيف ونحن في الـ «كيف» نشيد وطناً علامة استفهامه في الوجود تطرح أسئلتها، وتمضي في الدنا بحثاً عن خلود، وعن وجود وعن منارة تسكن في أقاصي الفضاء، بعيداً عن القمر، قريباً من المريخ.
هو هذا الحب الكبير الذي بنته الإمارات، لأجل خمسين أحلامها طيور، أجنحتها من طموحات شعب لا يعرف الكلل، ولا يعرف الملل، فقط هو في العالمين، سحابة مطر، ورحابة قمر، ومهابة قدر، هي هذه الإمارات في الخمسين، وما بعدها، وما كان قبلها هو الأساس، والمتراس.