بتوجيهات سامية ومشاعر بسمات الغيمة الممطرة وأخلاق النجوم اليافعة، نذهب إليهم ونساند حاجتهم، ونعضد سواعدهم، ومعنا أمصال الشفاء وحقن العافية.
نذهب إليهم وفي الجعبة لواعج الحب لكل من غدر بهم الزمن وطالت مصيرهم محبطات الدهر وعواتي الظرف العصيب.
فهذه هي الإمارات في ساعات الضيم، هي البلسم والكف الخضيب بعطايا الرحمة ومساندة الشقيق والصديق على حد سواء، دون اصطفاف ولا تكلف، إنما هي مبادئ زايد الخير، طيب الله ثراه، يحملها رجال أشداء تعلموا من التاريخ كيف يكون الوفاء، وكيف هو الانتماء، وكيف الإخاء، ومن دون ضجيج ولا عجيج ولا ظواهر صوتية تصم الآذان ولا تشفي غليلاً، ها هي الإمارات، وهكذا هم عيال زايد في السراء سيمفونية تردد معنى الجمال في حقول الحياة، وفي الضراء سند وحد وسد ومد ومدد وامتداد لسيرة الصحراء وتقاليد النخلة وأخلاق البحر.
هذه الإمارات في مختلف الظروف هي العماد، وهي السداد، وهي النصل والأصل والفصل ساعة الجلل، هي الأمل وهي الجلال والجمال في وهج النهار ودامس الليل، هي كل ذلك لأنها من مدرسة زايد ومن نسيج الأسرة المبجلة تخرج هؤلاء الرجال مكللين بشيم الأولين وقيم الأفذاذ الذين صنعوا مجد الوطن وطوقوا العالم بقلائد من قيم سمت وتعالت، وارتفعت ساريات ورايات، وشقت عباب الوجود بسمعة تضاهي النجوم وترسم صورة المعاني الرائعة ورونق المبادئ القيمة وثوابت الدين الحنيف.
اليوم وفي جحيم الحرب الضروس والتي لم تبق ولم تذر في غزة، تبحر سفينة الإمارات باتجاه هذا المركب المأزوم لتضع الرحال هناك وفي الجعبة آمال وأمنيات بأن تزول الغمة وترتفع النقمة وتنقشع الغيمة، وتستعيد الأمهات الثكالى وعيهن بعد صدمة الموقف الرهيب، ويعيد الرجال لشجرة الزيتون بريقها ورضابها، وتكبر غزة على الجرح الأليم، ويكبر الإنسان هناك على العظم المكسور والجرح الثخين، ويعود الأشبال إلى مدارسهم والزراع إلى مزارعهم وصانعو الفرح إلى حقولهم.
هذه هي أهداف الإمارات، وهذه هي تطلعاتها بأن يسود السلام في غزة وفلسطين كافة والعالم أجمع ينعم بالحب والتضامن ويختفي سواد دخان الموت، يختفي الحقد وتنتهي الكراهية إلى زوال ما بعده رجعة.
هذه هي سياسة الإمارات وهذه قيمها في العلاقة مع الآخر، فلا ظلم ولا ظلام ولا حنث ولا جثث رمتها أيدي الوحشية عند أرصفة العبثية وفراغ المراحل ما بعد الحضارة وعند أطراف غابة التوحش.
هذه سياسة الإمارات في حب الحياة والتضامن مع الآخر، كون الآخر هو جزء من أضلاع خيمة الوجود الآخر، شريان في جسد التآلف البشري ووحدة الوجود، إنها الحقيقة التي تتطلع إليها الإمارات، ولا خيار سواها ولا مجال للتحول عنها، كونها الصورة في المياه الصافية لإنسان تحرر من رواسب الغي وطغيان الذات، إنها السورة يتلوها كل ذي ضمير حي وكل ذي علم بما وضعه العليم في قلب المؤمنين.