ويتجدد اللقاء، وشعور داخلى بطول الغياب رغم قصر فترة الابتعاد، ربما كان مرده دفء التواصل، ولهفة السائلين· كانت تلك أياما عجيبة في مناطق لم تكن لتخطر لي على بال، ولكنها طبيعة العمل التي تقودك الى أمكنة تجعلك تشعر فيها بأشياء ملموسة غير محسوسة تحيط بك، في مقدمة هذه الأشياء نعمة الأمن والأمان التي أسبغها الله علينا· كنت في مناطق ينصحك المسؤولون فيها ألا تبارح غرفتك مع آخر خيوط النهار، وفيما تنتقل بالسيارة تتذكر ثلاثة غربيين قتلوا بعدما رفضوا مغادرة السيارة والمسدس مصوب الى رؤوسهم· كنت تشاهد كيف تغلق المحال مع حلول الظلام، وقد صفدت بطبقات من السلاسل والأبواب المصفحة، وتتذكر كيف تتصل آخر الليل بالبقال الذي يجاور منزلك ليوافيك بطلبك· حتى المياه الضعيفة التي تتدفق من الأنابيب المهترئة ينصحونك بألا تغسل بها أسنانك عند الاستيقاظ، والاستعاضة بالمياه المعبأة حتى لا يتسلل اليك أي طفيل· أي حياة تلك التي يحاصرك فيها الخوف من كل شىء وأي شىء· تتذكر صغيرك الذي يتافف من بطء فتح الموقع الذي أمامه على الإنترنت لبضع ثوان، فيما تجد دولة هناك بعلمها ونشيدها الوطني سعة ''سرفيرها'' 6جيجابايت، وصدق أو لا تصدق!· نتضايق عندما تبلغنا موظفة الحجز أن الرحلة تتضمن توقفا أو '' ترانزيت'' لمدة ساعة أو ساعتين، بينما تتوقف في بعض هذه البلدان أربعة أيام بانتظار الرحلة التالية· أشياء وأشياء غير محسوسة تحيط بك، ولا تشعر بها إلا اذا رأيت ما يجري في أماكن غير بعيدة عنك، وطبعا هذه النعم التي ترفل فيها، وفي مقدمتها نعمة الأمن والأمان جاءت بفضل من الله ويقظة رجال أبوا إلا أن تكون هذه البقعة الغالية واحة أمن وأمان، ونسأل الله أن يديم علينا نعمه، وبالشكر تدوم النعم· واللهم لك الحمد·