لا يمكن أن يظل أي موظف يعمل بمعزل عن التكنولوجيا واستخدامها في تطوير قدراته أولاً، ومن ثم في تطوير العمل الذي يقوم به بما في ذلك “التعليم” الذي يأتي في مقدمة أولويات المجتمعات المتقدمة، وذلك من خلال إيجاد بيئة خصبة ينطلق من خلالها إلى مجالات أرحب في ظل التطور المثير للتقنية وانعكاسها بشكل مباشر على العملية التعليمية، لكن ثمة أمورا يجب معالجتها قبل الدخول في ذلك الأمر! في الأسبوع الماضي اختتم مؤتمر “مرتكزات التعليم”، الذي نظمه مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ودعا إليه خبراء ومهتمين بالعملية التعليمية من داخل الدولة وخارجها وخرج المؤتمر بتوصيات عديدة كلها تصب في تطوير التعليم وإمكانية الارتقاء به، سواء من خلال تطوير المناهج ودعم العملية بوسائل التقنية، أو من خلال تنمية مهارات العاملين في هذا القطاع لاسيما المعلم وغيرها من القضايا التي تضمنها جدول أعمال المؤتمر. واللافت أن المؤتمر أكد أن دولة الإمارات تتميز بتوافر مستوى جيد من التشريعات والانفتاح ورأس المال ولكنها تفتقر إلى العنصر البشري، وفي توصية أخرى أوضح القائمون على المؤتمر أن التحديات التي تواجه تطوير التعليم في الإمارات هي المناهج ومدى مواكبتها للتطوير. وسأتناول اليوم هذين العاملين، أولاً: العنصر البشري وهو محور تمت مناقشته بشكل مستفيض باعتباره من العناصر المؤثرة بشكل مباشر في العملية التعليمية، والجميل أن المؤتمر أوصى بالاهتمام بقضية العنصر البشري ولو نظمت آلاف المؤتمرات في المستقبل فلن تخرج التوصيات عن أهمية الاهتمام بالجانب البشري، وتشجيع العاملين في قطاع التعليم على مواصلة التطوير، وكذلك تشجيع طلبة الجامعات والمعاهد على الالتحاق بقطاع التعليم، وللأسف الشديد أقول إن كل الخبراء والمهتمين بتطوير التعليم يطالبون بتشجيع العنصر البشري وتطويره والاهتمام بكادره إلا وزارة التربية والتعليم المنوط بها الاهتمام بهذا الجانب، فهي لا تعطي المعلم ما يستحق، فيظل هو الأقل دخلا بين جميع الموظفين في الدولة. أما النقطة الثانية المناهج: وهي نقطة أشبعت نقاشا في السنوات العشرين الماضية، فقد ظل التعليم في الإمارات يتدحرج ما بين المنظرين والخبراء الذين يأتون من الخارج بمناهج وطرق تدريسية غريبة، وما بين الحرس القديم الذي يطالب بأن يتم التغيير وفق خبراء محليين عاصروا التعليم ويفهمون البيئة المحلية جيداً وقادرين على صياغة مناهج تواكب التطور والبيئة التي يعيشها المجتمع الإماراتي. والسؤال الآن ما هي نتيجة عشرات المؤتمرات التي عقدت على مدى السنوات الماضية ولا تزال تناقش في الأساس تطوير التعليم؟ بل أين هي خطة 2020 التي بدأ العمل لها قبل عشر سنوات من الآن وانتهت بمغادرة صاحبها مبنى الوزارة؟ المطلوب قرارات لا توصيات والبدء فورا في اعتماد مبادئ تسير عليها العملية التعليمية في السنوات القادمة.