للذين يضطرون للسفر على الطرق السريعة بصفه مستمرة عادات وتقاليد باتت تشكل طقسا من طقوس السفر ،حيث لا تحلوا الرحلة إلا بهذه الطقوس ، وإذا كان الأقدمون قالوا '' أن السفر قطعة من العذاب '' لما يعانيه المسافرون من مشاق ، فأنا ممن يؤمنون بالحكمة الأخرى التي تقول '' في السفر عشر فوائد أهمها تلك الحميمية التي تربط الكثيرين منا بالطريق وثمة علاقة تنشأ بفعل هذه العادات التي تشكلت معك عبر سنوات تعدت حدود مسميات الأشياء فالطريق دنيا كباقي الأشياء الأخرى فيها الكثير من الوجوه فيها الأفراح والأحزان ، فتجد المتهور الراغب في الطيران على الأرض ، وتجد النقيض الهادئ والساكن ولكن الجميع لهم عادات وممارسات دائمة لا يحيدون عنها ، فهناك ممن يختار طرق معينة دائمة لا يبدلها ، وهناك من ينام طمعا في استراحة قليلة تجنبا لمخاطر آثار التعب ، وترى شخص يستمتع بتناول وجبة غداء أو عشاء أثناء سيره على هذه الطريق فما أن تبدأ رحلة الطريق في تجاه مدينتك أو منها حتى تبدأ هذه الطقوس تتجلى في رغبتك الدفينة في تناول كوب الشاي في استراحة معينة لا تتغير وأنت في الطريق تختار محطة بترول معينة لتزود سيارتك بالوقود منها ، وهي عادة لا تتغير بعد أن ترسخ في يقينك أنها الأفضل بين عشرات المحطات التي تمر عليها في الذهاب والعودة مع أن هناك الأفضل· في الطريق أيضا تعود بك الذاكرة إلى أيام خلت وأصدقاء رافقتهم في رحلات سفر متعددة ، وآخرين رحلوا عن دنيانا ونحن لا نصدق أنهم رحلوا· في الطريق يزداد شوقك إلى مدنيتك كلما اقتربت محطة الوصول التي تعرفها من خلال ملامح الطريق التي لا تتغير مثل أعمدة الكهرباء المطفأة والكثبان الرملية على الجانبين ، وأيضا سائقي الشاحنات المتشابه أشكالهم ، إنها طقوس الطريق التي لا يحلوا السفر إلا بها · إن الأثر الذي يتركه أو يأخذه كل منا في محطات طريقة هو الأثر المتغير ، ومن حسن الحظ مع التقنية لم نعد نخشى فساد ما سوف نتركه في هذه المحطات بفعل الغياب عنها ، بإمكاننا أن نواصل حضرونا في كل المحطات تقريبا · إبراهيم العسم