استضاف المجلس العامر لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عصر الأربعاء الماضي وبحضور سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، رئيس ديوان ولي العهد، محاضرة ملهمة عن تجربة لشخصية ملهمة حقق إنجازاً للمدينة التي كان عمدة لها على مدى أربعة عشر عاماً متواصلة.
كانت المحاضرة بعنوان «بناء مدن الغد» لمايك كورنيت الرئيس الفخري لمؤتمر رؤساء بلديات الولايات المتحدة الأميركية، وصاحب كتاب «المدينة الأميركية المقبلة» بناء على تجربته الشخصية كعمدة لمدينة أوكلاهوما خلال الفترة من 2004-2018.
وقد تناولت صحفنا المحلية المحاضرة بتوسع، إلا أن ما لفت نظري في محاضرة الرجل احترامه وتقديره لإنجازات من سبقوه في المنصب، الذين استفادوا بصورة إيجابية من صدمة عزوف إحدى شركات الطيران الأميركية العملاقة من اتخاذ مدينتهم مقراً لها، ليخسروا بذلك استثمارات بقيمة مليار دولار، ولكنه كان درساً لهم ليضعوا يدهم على مكامن الخلل في المدينة، والبحث عن السبب وراء ذلك الرفض الذي كان من أهمه تدني جودة الحياة فيها.
الدرس القاسي للمدينة التي وصلت لحافة الانهيار بعد إفلاس نحو مئتي مصرف فيها إثر تراجع أسعار النفط، وتعرضها لهجوم إرهابي، كان مفتاح التحول لتصبح اليوم وبعد ثلاثة عقود من الزمن مدينة متألقة مزدهرة باقتصاد قوي ومتنوع، مدينة ودعت الاختناقات المرورية، مدينة يسهل المشي فيها، وتوفر لمواطنيها أعلى مستويات جودة الحياة، ونظام تعليمي متطور أفرز شباباً «موهوبين ومتعلمين» يملؤهم الحماس لريادة المشاريع.
ولفت نظري أيضا نجاح الرجل بالتعاون مع بقية سلطات المدينة وسكانها في القضاء على السمنة، وفق حمية لا تعتمد على نظام غذائي معين، بل إعادة صياغة نمط الحياة وتبني أسلوب الحركة البدنية والحد من استخدام السيارات.
عندما طرح أحد الحضور التحدي الذي يمثله الطقس عندنا، قلل كورنيت من أهميته مع وجود بدائل لممارسة الرياضة في القاعات الداخلية والمغلقة، كما أن التعامل مع الاختناقات المرورية والتكدس المروري يعد في مقدمة الأولويات لتحسين جودة الحياة في مدن الغد، وهو الأمر الذي يكتسب أهمية قصوى مع تقديرات الأمم المتحدة بأن 70% من السكان سيعيشون في مدن بحلول العام 2050. ومنه عرفنا كيف أصبح «ازدحام الطرق» أحد معايير الاختيار الرئيسية للعيش في المدن، لكونه يتسبب في هدر وقت السكان واستنزاف طاقاتهم!.