وزارة التربية والتعليم تتحدث عن تمام وكمال الاستعدادات لدوام المدرسين والمدرسات، وعن توافر الكتب، ولكن لا تتفوه بشيء مفيد عن المكان الذي سيؤول إليه أرباب التعليم، لأن بعض الأمكنة، وأعني المدارس، أصبحت شيئاً من الماضي، وأشباه مدارس، كانت وكانت، وأما اليوم فلا أعتقد أنها تناسب طموحات الوزارة ولا تليق بأبناء الإمارات ولا سمعة بلادنا التي حققت إنجازات حضارية رائعة وناصعة.
وكنت أتمنى قبل سماع التصريحات والتلميحات والتلويحات من قبل مسؤولي الوزارة، أن يقوم أحدهم بزيارة تفقدية ليشهد ويتمتع بالمنظر العام لبعض المدارس التي غطت جدرانها الرمال، وعبث بنوافذ فصولها سوء الحظ، وعاشت الكائنات اللعوب في ساحاتها كمأوى ومناطق أمان واستقرار لها. مدرسة من المدارس عرفناها منذ الستينيات، والذين درسوا فيها صاروا أجداداً، والمدرسون بعضهم غاب عن الحياة وبعضهم يسير على عكاز، والمدرسة المصون لم تزل على حالها كأحفورة تشاهد العالم من حولها يتغير ويتطور، ويرفض المسؤولون الذين تعاقبوا على وزارة التربية أن ينظروا إليها بعين الاعتبار، ولا سبب يملأ العين ويسد الرمق لأن المبررات التي قد تساق من هذا المسؤول أو ذاك لا تعني الطالب الذي سيغط بين جدران هذه المدرسة المتهالكة، والتي أقل ما يقال عنها إنها في حالة موت سريري، والعياذ بالله.
لا نريد أن ننتقد أحداً لمجرد الانتقاد، بل كل ما نتمناه التنبيه ولفت النظر لكل من يهمه الأمر، أمر التعليم والإنسان في بلادنا، بلاد الخير والمحبة. نريد أن يتعاون الجميع، من وزارة تربية وحكومات محلية ودوائر ومؤسسات لرفع الضيم، عن طالب من حقه أن يجد المكان المناسب للتعليم وأن تتوافر له بيئة صالحة تهيئ له أسباب النجاح والفلاح والصلاح، ولا نريد تصريحات لا تسمن ولا تغني، ولا تعني من يعاني ظروف التعليم السيئة. نريد لوزارة التربية تجاوز هذه المشكلات البدائية، لأن طموحاتنا أكبر في تعليم أبنائنا وآمالنا أوسع في أن يدرك الطالب الإماراتي مخارج ومداخل التعليم الإنساني ذات المستوى الرفيع، ولا نريد أن نظل في الحلقة المفرغة ذاتها منذ أن تأسست هذه الوزارة، وحتى يومنا هذا والحديث لا يخرج عن نطاق الورقة والمسطرة والقلم، وما يحيط بهذا وذاك من حائط مدرسي متهدم وفصل يعاني من علة في التكييف وغيرها من مطبات تجاوزها الزمن، ولكن الوزارة لا تزال عجلاتها مدفونة في رمال العجز عن حل هذه العقد المزمنة، فأناقة المدرسة ولباقة المدرس سر من أسرار تفوق وتميز لياقة الطالب وحبه للتعليم وعشقه للمكان الذي يتلقى في الدرس. فلماذا لا نحاول ونجتهد في توفير هذه النعمة لرجال المستقبل وبنات الغد، لأنهم جميعاً رصيدنا وذخرنا وأملنا ونور عيوننا وبهجة قلوبنا. أسعدكم الله يا أهل بلدي.


marafea@emi.ae