في هذا الوطن، تبدو الأشجار أكثر اخضراراً، والبحار تتسع لكل المراكب، والجبال صخورها من عزائم التاريخ، والطير كأنه عازف أسطوري، ونايه من صفير الحلم الأبدي. في هذا الوطن في كل يوم الشمس تغزل أشعتها من حرير الطموحات الكبرى، والموجة تخيط من عرق النجباء مخمل الفرح، والنجمة الطالعة عند جبين السماء ترتل آيات الشوق، إلى أرض ما برحت ترفع النشيد، من أجل الذين أقبلوا، وفي أيديهم بياض المرحلة، هؤلاء هم رجال الوطن، هؤلاء هم براعم الشجرة العملاقة، وهم أوراقها تهفهف على أديم الأرض؛ كي يستمر العطاء، ويلبث الطموح متألقا مزدانا بجباه العشاق زاهيا بضوء نواصيهم مزدهرا بحبهم للناس جميعاً. في هذا الوطن تمضي الركاب محملة بالأمل زاخرة بإيمان المخلصين وثقة الصادقين، تمضي الركاب في رمال الصلادة، وعند كثيب العواقب، تخطو، وتخطو، والسعي إلى المعالي هو المرمى والهدف وهو الغاية والوشاية والغواية، هو كل ذلك لأن الوطن عندما يسكن القلوب يصبح بحجم الكون، ويصبح بسعة السماء، ويصبح اللامنتهي المنتمي إلى الوجود بخصاله ووصاله وفعاله، وما يبذله من أجل أن تبقى السماء صافية والبحار صفحة من صفحات التاريخ، لم تلوثها يد، ولم تعبث بها فكرة ضالة، ولم تعكر صفوها ريح عاتية. في هذا الوطن الإنسان فراشة، والأرض بستان ورد، والعبق هذه المنجزات الفخمة، والرحيق هو هذا العطاء المتعاظم، واللون الزاهي هو هذا الصيت والصوت والصولة والبوصلة إرث قديم قويم بقوام الذين أسسوا، والذين نقشوا على قماشة الوجدان الوطني أعظم ما أنجبه التاريخ من معجزات مذهلة ومدهشة أسمعت القريب والبعيد، ورسخت في الفكر العالمي أن الإمارات شجرة في العالم مختلفة واستثنائية، ولا يشبهها إلا هي، هي فقط التي تماثل نفسها؛ لأن الذين شيدوا بناءها متميزون وخلابون في مشيتهم نحو المستقبل، جذابون في تعاطيهم للحياة، في هذا الوطن الأحلام مثل بلابل الحدائق الغناء، في الصباح، تشدو، وترفع التغريدة باتجاه العالم، وترسم صورة الحياة في عيون الناس، موشحة بالبياض أحلام معطرة بالفرح والثقة والإصرار، ولا شيء يثني الحالمين من الاحتفاء بالحلم؛ لأنه من الواقع خارجاً من صلبه، ذاهبا إلى لبه مستعيناً بعزيمة الأوفياء الذين إذا قالوا فعلوا، وإذا فعلوا أجادوا وإذا أجادوا لا ينتظرون جزاء ولا شكورا بل هم يعملون من أجل أن تبقى الراية محمولة على كواهل تعبأ بالتعب، ولا تلين أكتافها. في هذا الوطن المسافة ما بين الحلم والواقع هي المسافة ما بين الرمش والعين، هي العلاقة ما بين الشهيق والزفير.