على متن الطائرة البابوية، عدت مجدداً إلى روما، وكانت رحلة العودة فرصة نادرة، لأقترب أكثر من البابا فرنسيس، فلديّ أسئلة صحفية، وفضول لما استقر في وجدانه عما شاهده وسمعه في الإمارات، بعيداً عن التصريحات الرسمية، ولدي كذلك هدية لقداسته، لتكون مفتاحاً للكلام عن «الاتحاد»، البلاد، والصحيفة.
كان الحَبر الأعظم، كما يشاهد في ظهوره العام، بسيطاً ومبتسماً وبالغ الود. كان سعيداً جداً بزيارة الإمارات. شاهد أبعد من المتوقع، وحضر ولادة خطاب جديد في أصول العيش المشترك في «إعلان أبوظبي- وثيقة الأخوة الإنسانية»، وسمع من قادتنا فهماً متقدماً للاعتدال السياسي، ولوجوب عولمة التسامح، وتحفيز الشعوب على التقارب والسلام، فكنيسة القديس فرنسيس، ومسجد أحمد الطيب في أبوظبي، يمكن أن يكونا في أي بلد في العالم. ذلك هو جوهر التسامح الديني، في المنظور الإماراتي.
تحدث قداسته في الطائرة عن إعجابه الشديد بشخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وبرؤيته الاستشرافية، لمرحلة ما بعد نضوب النفط، والاستثمار في الثورة العقلية الراهنة التي تنتج المعرفة والإبداع، وهي أيضاً تجعل البشر أكثر قرباً بالاتصال والتفاعل الحضاري. يرى في سموه قائداً شجاعاً محباً للسلام، وداعيةً للتسامح والأمل. وبدا قداسته منبهراً جداً بالنهضة المدنية في الإمارات، وبمستوى تنظيم المدن وحداثتها وجمالها.
أما الهدية، فكانت لوحة مؤطرة لـ«الاتحاد»، تحمل رسماً لقداسته، وتظهر في خلفيتها ملامح من المشهد العمراني في أبوظبي، وحدثته عن تاريخ الصحيفة، التي أسسها الشيخ زايد، رحمه الله، في العام 1969، قبل عامين من إعلان «الاتحاد» الدولة، فردّ باحترام وتقدير عن راحلنا الكبير، وبعدما شكر الصحافة الإماراتية على احتفائها بزيارته، أبرز أهمية الإعلام في نشر رسالة التسامح والتآخي، وكان مبتهجاً بالملحق الخاص الذي أصدرته «الاتحاد» ترحيباً بقداسته، ومَهَر توقيعه على نسخة منه.
أثناء تقديم الهدية للبابا فرنسيس، أردت أن أعرف أبرز انطباع لديه في ختام زيارته الإمارات، فوجدته منبهراً جداً، بمشروع الإمارات في المنطقة، وقدرة قيادتها الفذة على بناء نموذج متقدم للتسامح الإنساني، لافتاً إلى أن تجربة التنمية المختلفة التي تعيشها الإمارات، تؤكد أن هذه دولة تولي عناية قصوى لاستدامة الموارد، وهذا يعني استمرار الخير والأمل والسعادة للإنسان في الإمارات والعالم.
كانت تجربة صحفية استثنائية في رحلتي الذهاب والعودة، على الطائرة البابوية، وأجمل ما فيها، أنني رأيت بلادي وقيادتها في عيون رمز روحي عالمي، وداعية سلام بارز، وذلك كما أحب وأرضى وأفتخر..