تشهد عاصمتنا الجميلة تغييرات شتى، وتجديدات كثيرة باتجاه جعلها مدينة متجددة، وعاصمة حديثة، أفقها المستقبل، وركيزتها الأصالة والتراث والقيم الجميلة، فبعد عقود من البناء والتعمير وسباق مع الزمن وأحلام القائد الباني الشيخ زايد، رحمه الله، وجب التحديث ومواكبة العصر، وتوسيع ما أنجز، وتعميم ما جد من تطور ونهضة في عواصم العالم، وفق منظور إستراتيجي وشاب يتم التخطيط له من قبل صاحب السمو رئيس الدولة، وولي عهد أبوظبي وإخوانهما الذين أخذوا على عاتقهم مسؤولية استكمال البناء والتعمير والتحديث في حلم عاصمتنا التي نريد لها مواكبة عواصم العالم.
إن التغييرات التي تطرأ على مؤسساتها وتشكيل إداراتها أمر يبشر بالخير، وأمل يحدو بنا نحو ولوج العصر الجديد، ونحن أكثر ثقة بالمنجز السابق، وأكثر تفاؤلاً بحلم المستقبل؛ لذا صار تصحيح بعض المسارات واجباً، وتقنين بعض الأمور أكثر لزاماً، وجلب الخبرات التي تساعد على حرق المراحل، واعتماد التأهيل وبناء الكوادر الوطنية ضرورة حتمية، لكي يتواصل قديمنا مع الجديد وآفاق الغد.
إن الاهتمام بالتعليم في كافة مراحله والتخطيط لتنشئة أجيال متعلمة وواثقة من قدراتها وإمكاناتها، متفتحة على ثقافات العالم وحضاراته، وخلق الجسور الثقافية والاستفادة من تجارب الشعوب مسألة في غاية الأهمية، وهي الركيزة الأساسية التي تبنى عليها التنمية الحقيقية في كافة المجالات، وهو أمر أولته العاصمة جل اهتمامها وأسبقية أولوياتها.
واليوم حين نرى أموراً تؤسس في العاصمة مثل وجود الجامعات الأجنبية العريقة: مثل «السوربون» وجامعة نيويورك وغيرهما أو وجود مستشفيات: مثل «جون هوبكنز، ومايو كلينيك» أو متاحف مثل: «جوجنهايم واللوفر» وما يليه من مشاريع وصروح حضارية، علينا أن ندرك معنى الخطوات القادمة ومعنى قيمة الاستثمار الحضاري في الإنسان وفي قيمه وطاقاته التي نعوّل عليها الكثير.. تماماً مثل الالتفات إلى أهمية السياحة والمشاريع الاستثمارية المشتركة مع بعض الدول أو مع شركاتها العملاقة، وتمكين القطاع الخاص من لعب دوره القيادي في المجتمع ومعاضدة الحكومة في النهوض بالمنجزات والخطط التنويرية، وتمكين الشباب من أخذ دورهم الحقيقي في رفع المجتمع ورفده بالنافع والمفيد، بغية التغيير للأفضل والتحديث للأحسن، دون تغريب وتغرب، ودون التعامل مع اللغة العربية بدونية، وتعال، ومحاولة إزاحتها من التعامل اليومي، ودون أن نسمع تضخيم الناس لمشاريعنا ولأنفسنا ولإنجازاتنا، وتمجيدها وتهويل حجمها، لأننا أعرف من الآخرين بمشاريعنا وأنفسنا.
إن تجارب الدول الأخرى وحصيلة السنين الماضية لا شك علمتنا الكثير، وصقلت نفوسنا وبصرتنا بما هو مهم للتخطيط لبلدنا ولناسه ومستقبله، ولأننا في زمن يفوق السرعة وفي وقت يؤمن بالتخصص والمهنية، ويجعل الجميع شركاء وحلفاء في سبر المستقبل والإعداد له بما هو أهل له، نتمنى على الجميع سعة الصدر وانفتاح العقل وتقديم الحكمة والصدق والانتصار للعمل من أجل عاصمة نتباهى بها أمام الجميع.