ليس سهلاً أن تعود من ثلاثية، كما كان حال العين أمس الأول مع ولينجتون النيوزيلندي في انطلاقة كأس العالم للأندية.. مثل هذه النتائج في كرة القدم قاصمة وحاسمة، ليس بإمكان أحد النجاة منها.. وحدهم الكبار يستطيعون.. أولئك الذين يساندهم التاريخ والجمهور.. أولئك الذين يدركون وهم يلعبون أن مهمتهم أكبر من الكرة ومن الفوز والنقاط.. لا تسري عليهم قوانين الكرة الاعتيادية، وربما لا يعترفون بمسمياتها.. الكبار أحياناً تكون لهم قوانينهم الخاصة ومفرداتهم الذاتية.
والكبار أيضاً يظهرون بكل الصور، كما حدث للعين أمس الأول.. شوط أول سيئ وشوط ثان كاسح وما بين هذا وذاك تبدل كل شيء.. اللاعبون والمدرب وجغرافيا الملعب نفسه، وعلى طريقة أفلام الكارتون والشخصيات الخارقة، استعاد العين طاقته الكامنة، والتي غابت عنه لأي سبب كان، وتمكن من معادلة ثلاثية ولينجتون، والوصول إلى ضربات الترجيح التي انحازت لـ «الزعيم»، وأهدته الفوز والصعود لملاقاة الترجي التونسي في ثاني جولات مونديال الأندية.
بعض المفردات، لا يمكن قولها على الإطلاق لأي فريق كان، فليس شائعاً مع الجميع أن تقول بعد نهاية مباراة «كم أنت كبير»، ولا أن تقول «إنه يمرض ولا يموت»، ولا أن تنتظر منه حتى النهاية أن يفعل ما هو قادر على الإتيان به حقيقة حتى لو بدا صعباً.. العين من هذا الصنف الكبير والمتوهج والقادر على الدوام أن يفعل ما يعجز عنه غيره.. القادر على العودة من أبعد ما تظن بأسهل مما تظن.
وعودة الفرق الكبيرة، لا تحدث فقط بفعل التاريخ ولا بتلك المعاني وحدها، لكنها تعود أولاً بالجمهور، الذي يستطيع بالحب وبالهتاف أن يفعل ما لا يفعله النجوم ولا التسديدات ولا الفرص، كما أنها تعود بطاقتها الكامنة في نجومها، الذين يدركون في لحظة فارقة أن الأمور تسير في غير مسارها وأن عليهم تصحيح هذا المسار.. لأنهم كبار.
قد يحدث مرات أن تسير الأمور على نسق مختلف، لكن ذلك يحدث مع فرق كبيرة أيضاً، أو في طفرات اعتادت الكرة أن تقدمها للكادحين من آن لآخر، أو تقدمها لجماهير أخرى أكثر حباً وأعلى هتافاً، وربما يكون العقاب لمن أمن غدر الكرة فأرادت أن تعلمه درساً لا ينساه.
تستحق جماهير العين أن تفرح بانتصار صنعته أمس الأول، بحضورها اللافت الذي كان كلمة السر في الفوز، ويستحق «الزعيم» أن يعود في مباراة كتلك، هي من وجهة نظري أكثر فائدة له من مباراة عادية تمضي في سياقها الطبيعي لأن العودة لها دلالاتها، وهي مؤشر على أن العين ليس فريقاً عادياً أبداً.. لو كان عادياً ما عاد.. لا يعود إلا من أراد.

كلمة أخيرة
الكبير.. يعود بالجماهير