في يوم الاتحاد، كان للقبيلة صوت وصيت وصون، وكان للوجود ملحمة اسمها الدولة الفاضلة، وللقبيلة المتأصلة في الوجدان وجود وحدود وسدود ومرود الكحل وكحل العين، وكان البريق مشعاً، يأخذ المتأمل نحو التاريخ، وباتجاه المعاني النبيلة. في يوم الاتحاد كان الشعب يقود الأحلام نحو شجرة الخلد، ويقتفي أثر الأصفياء الذين زرعوا الأحلام أعلاماً ترفرف في السماء، كأجنحة الطير المحلق نحو مجد الفضاءات الوسيعة. كانت القيادة تحمل أحلام الشعب على أسنة الكفاءة والرجاحة والثقة، وثبات المواقف في الأحداث الجسام، وترسل ابتسامة الفخر، كفراشات تلون فضاءات القلوب، كزهور تعطر أفنية الأرواح، كموجات تداعب النفوس، وترفع من النشيد الكوني، لأجل أن يبقى الصوت عالياً، هو العلم، وكما هي الإرادة. في هذا اليوم، يوم زخرفت القبيلة سماء الوطن بأهازيج الفرح والالتحام الشعبي، ضمن بوتقة الوطن، هنا ذابت الفواصل، والتحمت المفاصل، وصار الوطن قبيلة الحب، تمضي على الأرض، كأنها الشجرة، في جذورها، المتعانقة، في أحشاء التربة. في هذا اليوم، كان للخطوات رنين النواقيس، في آذان المبتهلين، والقديسين، والنجباء هم أبناء هذا الوطن، هذا الحصن، هذا الحضن، هذا الوعد الأزلي، في ثنايا الأبد. قبائل من كل حدب وصوب، جاءت محملة بأشواق الوطن وأحداق العشاق، وأعناق الذين تاقت أرواحهم، لهذا اليوم كي يعبروا عن وحدة المصير وانسجام التاريخ، على أرض ما فتأت تغذي العروق بماء المكرمات، وتروي القلوب بعذوبة الانغماس في وجود شيمته الواحد في الكل، والكل في واحد، ولا ثان لواحد. في هذا اليوم، أشعلت القبيلة في مضارب الحب قناديل البهجة ولونت الزوايا والنوايا بعرق الوالهين للتلاقي والتساقي من نبع الإرث الجميل، وتصدير عطوره وبخوره للأجيال، كي تعبق بفوح أسس بنيان هذا الوطن الرائع، وبنى فكر قادة نبلاء، أفكارهم تسبق أقوالهم، وأفعالهم، منارات تضيء طريق الماشين نحو المجد، الذاهبين إلى العلا، المتطلعين إلى المستقبل بعيون مشرقة بالطموح وقلوب متألقة بالإرادة وعقول مفعمة بالوعي، وبما يمثله الوطن لكل إنسان يسير على هذه الأرض، وكل إنسان يرتبط بإرثها المديد. في هذا اليوم حلقت المشاعر في السماء، مثل كائنات ملائكية ترسم لوحة الفرح، وتصطاد الابتسامات على الشفاه الغر، وتمضي في الحياة، خفيفة، مثل ريشة قطفتها لحظة رفرفة، فسبحت في الهواء، مهفهفة بمرح عفوي، ثري بمعاني النقاء، والصفاء، والوفاء، والانتماء، واحتواء، ما لم تحتويه كنوز الدنيا.