للورد رائحة لا تقاوم، وملمس مخملي يجعل من أوراقة تذوب بين أيدينا، وله ألوان تسر الناظرين وتشرح الصدور الضائقة. قالت لي صديقة «أشعر بأنني أنثى عندما أمسك هذه الوردة، تحملني إلى عالم آخر.. تذكرني من أنا»، ويبدو أن النساء هن الأكثر ارتباطاً بالورد وبلغته فهي اللغة الوحيدة التي تسمع بالعيون وتفك الكثير من الرموز. وتقول إحداهن «أعلم أن زوجي قام بشيء يغضبني عندما يأتي لي بباقة من الزهور»!، وحتى تسهل هذه اللغة قمنا بتقسيم الورد وألوانه، وجعلنا لكل لون معنى فكأننا بذلك نضيف إلى محصلتنا اللغوية أبوابا جديدة، لاتفهمها تلك المعاجم المعلقة على الرفوف. ترجم الورد الكثير من الكلمات واختصر الزمن، فاعتمده الناس لغة لتعبير عن حالة وصلوا لها أو يسعون إليها، حالة لا ترتبط بالحالمين أو العاشقين أو الشعراء، بل بكل الناس لذا كان لها مذاق مختلف كمربى الورد وماء الورد. لكل منا حكايته الخاصة مع الورد كما لكل منا نظرته، لكني أحببت نظرت أم محمد تلك السيدة الشامية «لا تقطفي الوردة دعيها لأنها ستذبل أو تموت..أنا أستخدمها لصنع المربى وليس للزينة. صدقيني هي أجمل وهي على الشجرة أكثر من أن نحملها بين أيدينا أو نضعها على رؤوسنا» أم محمد كانت بحديثها هذا تؤنب طفلة أغرتها شكل الوردة وقد تفتحت، وهذه السيدة الخمسينية أعطتنا وجها آخر للحياة لم نره في الورد ولم نتذكر بمذاقها. وقد قال راشد السنوسي في قصيدته «سارقة الورد»: خبأتها فأبت عليك وتفتحت في وجنتيك تلك الورود وحسبها أن صار مرفأها يديك رحلت مع الأحلام يغريها الهوى في ناظريك ويبدو أن الورود لم تكتف بعزف ألحانها على نبضات القلوب، ولكن رغبت بأن تفرض سحرها كطبيبة للقلوب البشر، فقد أكد فريق من العلماء السويديين أن تناول جرعات يومية من مستخلصات طبيعية من بذور الزهور يعمل على تخفيض مخاطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 17% بين البدناء، فهي إذا علاج حقيقي روحي وجسدي.. في الورد حياة وطلاسم كل يوم نكتشف شيئاً فيه، من أنفاسها لصورها وملمسها ومذاقها حتى مائها..هكذا تتجلى قدرة الخالق عز وجل في جميع خلقه. ameena.awadh@admedia.ae