لا تحزن يا فخر أبوظبي، فقد أثبت في أيام قليلة أن كل الأماني ممكنة.. خسرت ولكنك فائز.. لم تسقط كما يسقط غالبية من يخسرون.. ظللت شامخاً من البداية حتى النهاية.. أصبحت أنت الصورة الأبقى بعد مواجهة ريال مدريد.. الملكي يفوز كثيراً لكنه لا يعاني كثيراً كما كان معك.. لا تحزن فقد وهبتنا السعادة، حتى لو تفلت الحلم بهدفين مقابل هدف. لا تحزن يا جزراوي، وبفضلك لم نعد مجرد أرض يتبارى عليها كبار العالم.. بفضلك أصبحنا أيضاً من الكبار، وسيعود الريال إلى إسبانيا يتحدث عنك، وعما فعلت وعن حارسك علي خصيف الذي أبهر العالم في ليلة كل من فيها كانوا كباراً. لا تحزن يا جزراوي.. فلو علمت ما فعلت لحلَّقت فخراً.. وإن أردت أن تعرف ماذا فعلت فلا تنظر فقط إلى هنا.. إلى محيطك، وإنما عليك أن ترى كيف تابعك العالم، وكيف رآك العالم، وكيف أن مباراتك أمام أفضل فريق على وجه الكرة الأرضية أصبحت مناسبة تاريخية وصفحة لن يطويها الزمان. ماذا فعل الجزيرة أمس الأول؟ هي مباراة تصلح للفرجة أكثر من مرة.. تصلح للفرحة.. كانت كما حلمت بها.. للاحتفال.. احتفل لاعبو الجزيرة بالكرة وبالريال.. تقدموا وأرهقوا المدريديين الذين رأيناهم يفرحون بهدف ملغى، وبتعادل تحقق بشق الأنفس، وبفرصنا الضائعة لكنها تسجلت في صفحة التاريخ. أمس الأول، وقبل المباراة، هاتفني كثيرون يسألون: أوحقاً سيلعب جزيرتكم مع ريال مدريد أم أنه تشابه أسماء؟ وبعد المباراة حدثوني أيضاً في دهشة وإعجاب يسألون: ألديكم هذه الكرة وهؤلاء اللاعبون وهذا «الخصيف»؟! نحن كبار جداً لكن يبدو أننا لا نصدق.. الجزيرة أعاد ترتيب الكثير من الأمور، وأحسب أن كل شيء في كرة الإمارات لن يمضي مثلما كانت الأمور قبل مواجهة الريال.. مباراة استاد مدينة زايد الرياضية كانت النهر الذي سيغسل كرة الإمارات بأسرها.. اكتشفت حينها أنها تستحق ما هو أكثر، والفضل للجزيرة الذي أطلق الأحلام من عنانها، وعلمنا أن كل شيء ممكن، بشرط أن نصدق. لا تصدقوا أن الجزيرة خسر.. لقد فاز، وأعتقد أنه الفائز الأكبر من كأس العالم للأندية، ليس لأنه سيواجه باتشوكا على الميدالية البرونزية، ولكن لأنه صنع التاريخ، وعبر بكرة الإمارات إلى ما هو أبعد من «الفرجة» ومن الاستضافة.. جعلها رقماً وحالة.. حملها إلى العالم في أبهى صورة، وهذا وحده يكفي. كل الفخر أنت يا جزراوي، رغم هدفي رونالدو وجاريث بيل.. كل الفخر أنت يا من رفعت راية كرة الإمارات لأعلى مكان.. كل الشكر للاعبيك ولمدربك ولكل من أهدانا السعادة، والأهم أنكم أهديتمونا الأمل. ** كلمة أخيرة: نادرون.. هم الفائزون رغم الخسارة