تقول المأثورة القديمة: «إنه مثلما تحيل النار الحطب إلى رماد، فإن الحكمة تدمر التشدد والجمود، والهواجس الناشئة عن أفعالنا»، عندما يفقد الإنسان الحكمة، فإنه يدور في حلقة مفرغة، لا يعرف اتجاهاته، ولا يفهم أين هو من جغرافيا المكان.
عندما نقرأ الحكاية في سيرة النظام القطري، نستنتج أن هذا النظام مثله مثل جماعة الحوثي، هذان التوأمان دخلا في النفق الأنوي، وأصبحا أسرى ذات مستلبة، بفعل الطموحات الأكبر من الإمكانيات، ما دفعهما إلى الدخول في النهر المتجمد عراة، ومن غير معطف عقلي يحميهما من الصقيع.
الآن وقد وقع الفأس في الرأس، يحاول النظام القطري الخروج من هذا المأزق التاريخي، ولكن باستخدام الإسقاطات والحيل الدفاعية، وإزاحة الصدأ عن الإناء بالأظافر، وتحطيم الجدران بالجماجم، ولي عنق الزجاجة بالأصابع المجذومة. نقول: لقد سقط المطر على السقوف المهترئة، ولا جدوى من الترميم، ولا فائدة من ترقيع الثوب الرديء، فإذا لم يحضر العقل، ويقول الحشدان القطري والحوثي، إن الله حق، فلن يصلح العطار ما أفسدته الأجندات المريضة، ولن يستطيع الحوثي، ولا النظام القطري إعادة المياه إلى مجاريها، لأن الجسور تحطَّمت، وبحر التلاقي سدَّت منافذ أجندة الكراهية التي زرعتها العقول الواهمة، بإمبراطوريات أسطورية لا وجود لها إلا في عقول «فصاميو البارانويا»، والشزوفرينيا، وما شابهها من فصام الشخصية.
عندما نرى الطفل اليمني الذي جنَّده الحوثي، وأبّطه سلاح الموت، نقول بحسرة: لعن الله الجهل ورواده، لأنه السبيل الوحيد الذي يقود صاحبه بأن يستغل ظرف الأبرياء والضعفاء، ويحولهم إلى وقود حرب عبثية، فبدلاً من أن يرسلهم إلى مدارس العلم، وهم يرفلون بالابتسامة المشرقة، فإنه يدفع بهم إلى ساحات الموت، ليقاتلوا أخوة لهم، كان من الأجدر بهم أن يكونوا معاً على مقاعد الدرس، ليبنوا يمناً حراً أبياً معافى من درن الطائفية العقيمة، وعندما نرى حال قطر، وهي في العزلة، نقول: لعن الله الكذب، فهذا النظام راوغ، وناور، وداور، وساور، حتى فاض الكيل، ولم يزل يسكب الزيت على النار، من دون خجل أو وجل، ويحطم الأواصر بسكين الأكاذيب والدعايات المغرضة، بهدف المزيد من التشققات في البيت العربي، مستنداً بذلك على وهم القطة السوداء، عندما أرادت أن تصبح ببياض الثلج، وشتان ما بين هذا وذاك. وربما يفسر ذلك عزمي بشارة مُنظر الكنيست، أو القرضاوي مفتي الديار المنتهكة.