الحوادث المرورية المؤلمة التي شهدتها رأس الخيمة خلال الأسبوع الماضي جددت أحزان العديد من الأسر التي فقدت أحد أبنائها خلال السنوات الماضية، فخلال أربعة أيام فقدت الإمارة ثلاثة من أبنائها في حوادث كان السبب الرئيسي فيها السرعة الزائدة التي باتت وباء يصيب الجميع. كان من الممكن ألا تحدث هذه الكوارث لو كان هناك مزيد من التنسيق والتخطيط بين الإدارات المختلفة لهذا الأمر، وأخص بالذكر إدارة المرور والتراخيص ودائرة الأشغال العامة المنوط بهما التعاون والتنسيق من أجل الحد من هذه الحوادث التي راح ضحيتها الكثير من الأشخاص الأبرياء لا سيما من فئة الشباب. والمطلع على حجم الدعم والاهتمام والجهود التي تبذلها وزارة الداخلية من خلال إدارات المرور والتراخيص في إمارات الدولة يرى أن تلك الجهود كبيرة ومقدرة، ولكنها إلى الآن لم تحد من نسبة الحوادث المرورية المتكررة على شوارعنا، ولم تردع المستهترين والطائشين، وإن وضعت حدا في بعض إمارات الدولة، فإنها لم تجد نفعا في بعض الإمارات الأخرى، وذلك لتواجد أكثر من سبب يؤدي إلى الحوادث سواء كانت هذه الأسباب نتيجة لأخطاء بشرية أو خارجة عن إرادة البشر، وأقصد بها الشوارع المفتوحة ونقص الإمكانيات اللوجستية التي يمكنها معالجة المشاكل المرورية من خلال إصلاح هذه الشوارع. في إمارة رأس الخيمة أكثر من سبب ليفقد الإنسان حياته نتيجة الحوادث المرورية بسبب سوء الشوارع الداخلية المفتوحة والفتحات القاتلة في ظل غياب التنسيق ما بين الجهات المعنية نحو شوارع آمنة خالية من المسببات التي تؤدي لوجود الحوادث، وحسنا فعلت حكومة رأس الخيمة عندما اعتمدت سياسة تشييد الجسور لتخفف من عدد الفتحات على الطرق السريعة، وخلال الأسابيع القليلة القادمة سوف يفتتح جسر الاتحاد عند مدخل الإمارة ليبدأ العمل في جسر آخر مقابل المنار بهدف تخفيف الزحام في هذه المنطقة الحيوية، إلى جانب إنشاء عدد من الدوارات كل هذه الجهود يمكنها أن تسهم في تقليل عدد الحوادث المرورية في شوارع ليست مهيئة لاستقبال السيارات المسرعة. علينا أن نعترف أن شوارعنا التي عانت خلال السنوات الماضية من الشاحنات بدأت في التحسن خلال الشهور الماضية بعد تراجع أعداد الشاحنات القادمة من المنطقة الجنوبية والشمالية والتي كانت تقطع شوارع الإمارة ما يسبب مزيدا من الحوادث. إن مشكلة الحوادث في رأس الخيمة قديمة متجددة وضحاياها غالبا من الشباب الذين تعودوا على القيادة بسرعات كبيرة على الطرق الرئيسية المجهزة في الإمارات الأخرى، وحتى نقلل من نزيف الدماء على الإسفلت على القائمين أن يدركوا أن شوارع إمارة رأس الخيمة ذات طبيعة خاصة، ولا يمكن فيها تطبيق قوانين السرعة المعتمدة في الإمارات الأخرى، وعليهم إعادة النظر في السرعات المعتمدة، وقبل كل ذلك الوقوف بحزم مع المخالفين والخارجين عن قوانين السرعة في الإمارة.