بثّت شرطة أبوظبي قبل أيام مقطعاً مصوراً يظهر انحرافاً مفاجئاً لسائق متهور بمركبته من أمام حافلة مدرسية، كاد يتسبب في حادث مروع لولا لطف الله وستره، مخالفاً كل اللوائح والأنظمة ومستهترا بأرواح الآخرين.

مقطع ذكرنا بوجود هذه العينة من البشر بيننا ممن لا تستحق أن تحوز رخصة قيادة لكونها لا تملك ذرة من قواعد قيادة السيارات التي هي- كما يقال- فن وأخلاق.

زجر واحتواء هذه العينة من السائقين هو التحدي الأكبر الذي لم تنجح حتى الآن إدارات المرور في مختلف إمارات الدولة في الحد منه، لأن أخلاق السياقة هذه لا تدرس في معاهد تدريب قيادة السيارات التي تقذف إلى شوارعنا آلاف البشر من مختلف الجنسيات، البعض منهم وبدون مبالغة لم يشاهد طرقاً مرصوفة ومعبّدة إلا عندنا. المقطع الجديد من شرطة أبوظبي يجيء ولم تمضِ سوى أسابيع قليلة على مقطع سابق عن سائق حافلة مدرسية متهور كاد يدهس طفلاً بريئاً نزل من حافلة أخرى، لولا عناية الله ويقظة مشرفة حافلته.
عند مواقف السيارات تلمس غياب هذه الأخلاق وأنت تشاهد عدم توقف أي سيارة لمركبة خارجة من الموقف إلا كان السائق الآخر بحاجة للموقف، بينما أغلب السائقين الآخرين في عجلة من أمرهم برغم أن تلك الثواني البسيطة لن تقدم أو تؤخر شيئاً من الأمر، مشهد بسيط يعبر عن غياب ثقافة الاحترام والأخلاق عند قيادة السيارات.
ذات مرة حدثني مشرف عربي في مدينة عمالية أنه يضع يده على قلبه صباح كل يوم بسبب سائقي حافلات العمال الآسيويين الذين يظلون ساهرين حتى ساعة متأخرة من الليل مع قنوات أفلامهم، وعند الفجر يتحركون بحافلاتهم من دون أن ينالوا القسط الكافي من النوم في مسلك ينم عن عدم تقدير مسؤولية نقل البشر. ومن هنا ندرك أحد أسباب تزايد الحوادث المروعة المتسببة بها تلك النوعية من السائقين.

 وقد نفذت الدولة شبكات من الطرق تعد واحدة من الأفضل والأرقى على مستوى العالم بشهادة المنظمات الدولية المعنية، وعززت ذلك بتشريعات وممارسات حضارية تشرف على متابعتها أجهزة مرورية معروفة بممارساتها الراقية، ومع هذا تبقى مشكلتنا مع الطائشين والمتهورين الذين لن تردعهم إلا العقوبات المشددة، بما في ذلك الحرمان النهائي من الجلوس خلف مقود سيارة، وحفظكم الله وإيانا من جنونهم.