نحن وإلا خَبّ، وإلا بركّ، يعني وإلا «بيتوين تو برجز»، وإلا «شارع الكنعد»، كنا في السابق نتعجب من تسميات وترقيم شوارع عاصمتنا الجميلة التي لا نعرف كيف «سنتصابى عليها»، ولا يعترف بها حتى «عمنا غوغل»، وتشكل لسائقي سيارات الأجرة أمراضاً مزمنة في الذاكرة، خاصة إن أعطاه الزبون عنواناً مثل: «الحوض 19، المنطقة 13، الشارع 8، الحارة 77»، فيظل السائق يحوط، والعداد يعد على الزبون، وفي الآخر يقول السائق «تاكسي مال أرباب»: «أنت لازم يقول عند دكان أبو محمد للمداويخ».
اليوم صارت العنْونة في العاصمة أبوظبي أقل صعوبة، وأسهل قليلاً، لكن أسماء بعض الشوارع تدعو للعجب، وقد تثير الضحك عند بعض الزوار، ويستثقلها بعض المقيمين، خاصة تلك المغرقة في المحلية الصرفة، فيضطر لقراءتها بالحروف الأجنبية لكي تتضح لديه الصورة، ويستقيم الاسم، ويغيب المعنى.
وبجولة بسيطة في الشوارع، خاصة الفرعية، ستجد ما يدهشك كغريب، ويثير حفيظتك كقريب، ستجد مثلاً: شارعين متجاورين ويتقاطعان، واحد اسمه شارع القعقاع، والآخر اسمه شارع الهدوء، اسمان نقيضان، ولا تعتقدوا أن هذه المسميات من بنات أفكاري أو من خيال رأسي، هي أسماء واقعية، ومسجلة في البلدية، وتحمل لافتات زرقاء، هناك شارع اسمه «زور عيده»، تفرجوا، وشارع «الهام»، و«شارع مليكة»، و«شارع البلدية»، وعندنا ثلاثة شوارع باسم شارع «الكرامة»، حتى في الأردن ما أعتقد عندهم بهذا الاسم أكثر من شارع واحد، أما «شارع الكنعد» فهو العجب، يعني بصراحة تستحي تقول لواحد أنا ساكن في شارع الجنعد، كله «سهج، وصفط، وهسوسة»، ماذا يراد من هذه التسمية، عادة أسماء الشوارع تطلق على الوقائع المهمة في التاريخ، وعلى أسماء شخصيات كان لها دورها وتأثيرها وإنجازاتها المجتمعية والوطنية، وعلى شخصيات عالمية كان لها دورها الإنساني وخدمة البشرية، لكي تبقى في ذاكرة الأجيال، وكنوع من التكريم، ومحط سؤال من الصغار لمعرفة تاريخهم وأناسهم، أما شارع الكنعد، وشارع زور عيده، وشارع قماشه، وشارع طماشه، وأسماء أخرى مضحكة، وغريبة، وبعضها أجزم أنها اختيارات نسائية، ولا تليق بها شوارع عاصمتنا.
السؤال الذي يمكن أن يطرح أن من يختار هذه الأسماء يجب ألا يكون موظفاً في البلدية أو يكون مسؤولاً عن قسم السياحة أو مهندساً في دائرة التخطيط، لأولئك أدوارهم وأعمالهم التخصصية، لكن ليس وضع المسميات، فهذه يجب أن تناط للجنة من الرواد والواعين والمختصين والمثقفين، ومن ذوي المعارف والاطلاع والمتبصرين.