لا أحدَ يعرف على وجه التدقيق والتحديد تاريخَ البدْء في تقسيم الزمن وتقنينه ساعاتٍ فأيّاماً، فشهوراً، فسنواتٍ، فقروناً، فدهوراً. وغالباً ما كان ذلك عند بدايات الوعي البشريّ بالزمان وتفاريقه، وأنّ الليلَ حين يأتي يحجب النورَ فكان الإنسان البدائيّ يُضطَرُّ إلى الاِلْتِحَادِ إلى مأْوىً يأوي إليه أُطلِقَ عليه، فيما بعدُ، المنزل، أو البيت. وأنّ النهارَ حين يأتي، يأتي بشمسه المضيئة الوهّاجة، وهو ما يتيح للناس الانتشار لقضاء حاجاتهم. ونبدأ بتحديد أيّام السنة عند العرب المستعربة حيث كانوا يعوّلون في تحديد زمنها على ظهور الهلال ثم اختفائه نهائيّاً في آخر الشهر، وهو ما يطلقون عليه الشهور القمريّة، ويعني ذلك أنّ السنة العربيّة تتألّف من 364 يوماً. وشهورُ العرب، كما هو معلوم، هي: محرَّم الحرام، صَفَر الخير، ربيع الأول، ربيع الآخر، جُمادَى الأولى، جمادى الآخرة، رجَب الفرْد، شعْبان المعظَّم، رمضان المبارَك، شَوَّال المنوَّر، ذو القَعدة الحرام، ذو الحِجَّة الحرام. ولعلّ علل الاشتقاق تبدو واضحة إلى حدٍّ ما لهذه الشهور حين وقع إطلاقُها: فالمحرَّم لتحريم القتال فيه، وصفر لخلوّ بيوتهم فيه عند خروجهم إلى الغارات، وربيعان للخصب فيهما، وجُمادان للبرْد فيهما وجمود المياه، ورجب كونه وسطَ السنة (والرّواجب: أنامل الأصابع الوسطى، وسُمِّيَ رجباً أيضاً لتعظيمهم إيّاه، والترجيب: التعظيم في اللغة)، وشعْبان: لتشعّبهم للغارات فيه، ورمَضان مشتقّ من الرَّمضاء وهي شدّة الحر، وشَوَّال من شالت الإبلُ أذنابها، والقَعْدة: لقعودهم عن القتال فيه، والحِجّة لأنّه اتفق الحجّ فيه فسمي بذلك. وحرَّمت مُضَرُ رجباً، وحرَّمت ربيعةُ رمَضانَ، ووَزَّعت الأعمالَ والأنشطة على أيّام الأسبوع، فجعلت يومَ الأحدِ للعناية بالخيل وعمارة المنزل، والاِثنين للسفر والتجارة، والثَّلاثِ للحرب والمكافحة، والأربَعِ للأخذ والعطاء، والخميس للوِفادة والدخول على الأكابر وقضاء الحاجات، والجمعة للخَلوة، والسبت للمكر والغدر والخديعة. وأسماء شهور العرب العاربة وحمير والتبابِعة: مُؤْتَمَرٌ، ناجِر، خَوَّان، صوان، رنماه، ايده، أَصَمُّ، عادل، ناطل، واعل، ورنة، برك. وأسماء الشهور الشمسيّة، وهي بالبروج، وكلّ برج 30 يوماً وثلثَ يومٍ، إلاّ أسد فإنّه واحد وثلاثون يوماً: حمل، ثور، جوزا، سرطان، أسد، سنبلة، ميزان، عقرب، قوس، جدي، دلو، حوت. وأسماء شهور البربر والسريان: تشرين الأول، تشرين الثاني، كانون الأول، كانون الثاني، شباط، آذار، نيسان، أيار، حزيران، تموز، آب، أيلول. وأسماء شهور الروم واليونان: أكتبير، نوفمبر، دجنبر، ينير، فبرير، مارس، أبريل، مايي، يونيه، يوليه، غشت، شتنبر. وأسماء شهور اليهود: تشري، مرحشوان، كسليو، ظببث، شبط، آذار، نيسان، آيار، سيوان، تموز، أب، أيليل. ونحن لم نشكُل بعض هذه الشهور لأنّنا لا نعرِف كيف تُنطَقُ بالتدقيق، وقد أفدْنا من كتاب “نخبة الدهر، في عجائب البر والبحر”، لشمس الدين، محمد بن أبي طالب الأنصاري (604 ـ 727 للهجرة).