في صباحٍ كنت أظنه سيمرُّ عادياً، أفتح عيني بالأمس على مقالة أدونيس وهو يتساءل: هل ستكون هناك آثارٌ لخطوات الإنسان الآليّ الذي يعمل العلمُ الحديثُ على تكوينه؟ هل سيسير كمثل سلَفِه الإنسان الآدَميّ، في الصحراء، والغابة، والمدينة؟ هل ستكون له ذكرياتٌ وأحلام؟ لم يجب أدونيس، بل تداعي وراح يستفسر: ما سيكون الزّمَنُ بالنّسبة للإنسان الآلي؟ هل سيزول ما يُسَمّى الماضي، والمستقبل، ويُختَزَلُ الزّمنُ كلُّه في اللحظة الحاضرة؟ كعادتي، أفتّش كل خميس عن الملحق الثقافي في جريدة الاتحاد. وبالأمس، جاء العنوان الرئيس للملحق: ما بعد الإنسان! وهي دراسة مطولة تحلل حركة (الترانزيمانيزم) التي تدعو إلى دمج العلوم والتقنيات الحديثة لتحسين القدرات الجسدية والذهنية للكائن البشري، والمخيف في هذه الدراسة أنها تتنبأ أن يحل الإنسان الآلي محل الإنسان العادي في العام 2045، وعندها سيصبح البشر مجرد كائنات معطلة. وبالأمس أيضاً وقع بين يدي العدد الجديد من مجلة (ومضات) التي تصدر عن مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وفيها دراسة عن الجهود التي تقوم بها الشركات العالمية لتدريب الكمبيوترات على التفكير فيما يعرف بمصطلح (التعلم المتعمّق) الذي يسمح للآلات بتعلم تصنيف البيانات من تلقاء نفسها. وعلى غلاف المجلة الأخير إعلان يقول (تعرّف إلى سكان الأرض الجدد: الروبوتات) وهو دعوة إلى قمة المعرفة التي ستقام في مركز دبي التجاري الشهر المقبل. أيضاً شدني خبرٌ عن روبوت اسمه (يومي) استطاع بيديه وعصاتيه، أن يقود أوركسترا في إيطاليا على مرأى من قائدها الأصلي، في المهرجان الأول لأجهزة الإنسان الآلي. وكنت قد تأملتُ منذ يومين في مشروع مدينة (نيوم) التي أعلن عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان ووصفها بأنها: موقع ومكان للحالمين بعالم جيد ومهم لمصادر الطاقة المختلفة، فضلاً عن أنه يهدف إلى أن تكون الروبوتات أكثر من البشر. وقبل أقل من شهر احتضنت ندوة الثقافة والعلوم في دبي مؤتمر الروبوت والذكاء الاصطناعي، وشدّني محوران طُرحا فيه هما (الروبوت والخدمات الإنسانية) و(الروبوتات بصفات بشرية). وبالأمس أيضاً، وقعت عيني على مقالة الزميل عبدالله الشويخ الذي قال: الذكاء الاصطناعي قادم، كنت مؤمناً بأهميته أم لم تكن، كنت ممن يحملون فوبيا سيطرة الآلات على البشر، أم لم تكن. قالها وكأنه كان يُشير علي.