المتأمل للسيرة النبوية الشريفة يتعلم ويقتدي من حياة رسول الله محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وذلك من قصة أمه وأبيه، ومن العام الذي ولد فيه، من طفولته اليتيمة، من شبابه، من زواجه بأم المؤمنين خديجة، من الوحي الذي نزل عليه، ومن نبوءته، من معاملته للناس، ومعاملته لأصحابه وأسرته، بل حتى من معاملته لأعدائه، عفوه وصفحه، ورحمته وحلمه وعطفه، من قيادته، من تشكيله لأمة، من تشكيله لحضارة إنسانية تحمل الشعلة لتنير العالم أجمع، وهو الأمي الذي لم يتخرج في الجامعات والمعاهد، كل شيء في تفاصيل حياته بل ومماته عليه الصلاة والسلام يثير الدهشة..! لو توفرت تلك الصفات والسلوكيات في مجتمعاتنا، وبين أطفالنا، وبين بعضنا بعضا، لحصلنا على مجتمع مثالي وفاضل، لكن قد تبدو المسألة معقدة، فالمجتمعات الفاضلة مجرد نظريات ليست واقعية، لأن الحياة أصبحت أكثر تعقيدا من قبل..! لكن هل هناك من يتفكر؟ أو يتذكر أو يستذكر كل تلك الصفات والخصال في التعاملات اليومية وفي كل تفاصيل حياتنا اليومية، أو على الأقل في ذكرى ميلاده صلى الله عليه وسلم، ربما لنتخذ العبرة منها والدروس، أو نتبعها من أجل خيرنا وخير هذه الأمة التي تكالبت عليها الأمم..! وفي هذا الزمان الذي يضيع فيه الحق وقد يسود الباطل إلى ما شاء الله، فقد لا يفهم كثيرون مفردات السيرة النبوية، قد لا يستفيد كثيرون من الدروس التي وضعت بين أيدينا مجانا لنتعلم منها ونتبعها من أجل النجاح والتفوق والفوز.. المتشدقون الذين يتخذون من الدين مطية لتحقيق مآربهم ومصالحهم الشخصية الضيقة لو أنهم فهموا ، تلك السيرة العطرة بكل تفاصيلها وبكل روحانياتها ولو كان لديهم الجرأة لمواجهة ذاتهم ومواجهة شياطينهم لاعترفوا أن الإسلام لم يكن يوماً سيفاً مسلطا ًعلى الرقاب، ولم يكن يوما ًداعياً للحرب أو العنف، لقد كان الدين الذي أنزل على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على الدوام دين الوسطية والاعتدال، دين التسامح والعدالة، دين العقلانية ومخاطبة الناس بالحجة والمنطق والعقل، لكن مثل أولئك بعيدون عن العقلانية والفهم فهم لا يعقلون.. فعلى الناس أن تفهم، أن الله أوجد البشر على هذه الأرض لإعمارها وليس لهدمها أو سفك الدماء فيها، وأن الإسلام بل وكل الديانات السماوية تنهى عن الحقد والبغضاء والكراهية وتحض على الحب والمودة والحوار، بعيداً عن الجدال بل وإذا كان لابد منه فليكن جدالاً حسناً.. إن الدين يسر لا عسر، وأن الحياة سهلة ميسرة، غالية ثمينة، لا ينبغي إهدارها وإضاعتها بدون هدف. bewaice@gmail.com