دعوني أصارحكم، أن أجمل ما في الرياضة لا يمكن أن تكون الكرة.. ربما هي شعبية لكنها ليست الأجمل.. الرياضة الأروع، تلك التي تتشاطرها مع الطبيعة.. هكذا تيقنت وأنا أشارك لأول مرة في سباق دلما التاريخي الثالث للمحامل الشراعية، برعاية سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، والذي نظمه نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، بمشاركة أكثر من 120 محملاً شراعياً، على متنها أكثر من 3 آلاف بحار، وبجوائز بلغت 25 مليون درهم.
لا أذكر عدد المباريات التي حضرتها، لكنني أبداً لن أنسى هذا اليوم، الذي عشت فيه أجمل التجارب الرياضية على الإطلاق.. كنت قريباً من الماء ومن البحارة ومن أهازيج النصر التي توارثوها ومن تراث لا يزال يشع سحراً ويقطر جمالاً وتفوح منه رائحة الأيام الخوالي. كأنك بالسابقين تراهم على صفحة الماء يبتسمون، فرحين بالأبناء في وطن العزة والإباء.
على الرغم من سنواتي الممتدة في النقد الرياضي وتغطية الفعاليات، سواء هنا أو خارج الحدود، إلا أنه ليس شائعاً على الدوام أن تعود بحكايات تؤنس وتضيف إرثاً إلى رصيدك وإلى حياتك.. ليس شائعاً أن تكون جزءاً من حكاية بهذا القدر، مثلما كنت أمس الأول في سباق دلما الذي جاء استثنائياً في كل شيء، بفضل رعاية كريمة وسخية من سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، وهو دعم لولاه، ما كان الألق بهذا القدر، ولما تواصل التاريخ بهذا البهاء.. هو دعم أبقى الماضي مع الحاضر، يتهاديان بنا على صفحة الأمل إلى المستقبل.
من دلما جزيرة اللؤلؤ، إلى سبع جزر تاريخية، وانتهاء بمدينة المرفأ، حيث التتويج، وطوال قرابة 80 ميلاً بحرياً قطعتها المحامل، كانت الصورة غاية في الروعة.. كانت تجسيداً لوفاء وطن لماضيه، واعتزاز قادة بتاريخهم، وكانت شهادة نجاح وريادة لنادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، منظم السباق، ومعاونيه سواء في لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية أو في مجلس أبوظبي الرياضي.. كانت الابتسامة المضيئة على وجه عارف العواني، أمين عام مجلس أبوظبي الرياضي، وأحمد ثاني مرشد الرميثي، رئيس مجلس إدارة نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، وعيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وماجد عتيق المهيري، مدير نادي أبوظبي للرياضات الشراعية واليخوت، تماماً كصفحة الماء الذي تهادينا فوقه.. كانت عنواناً لحالة الرضا التي تغمر الجميع في النادي واللجنة المنظمة، بعد أن نجحوا في رسالتهم الوطنية ببراعة، في وطن له ماضٍ مشرف وحاضر مضيء ومستقبل واعد بإذن الله.
لم يكن عمر سباق دلما الذي شاهدته وعشت تفاصيله، عامين كما أجمع كل مَن سألتهم.. إنه عتيق كالمحامل وأهازيج النوخذة.. راسخ كالجبال.. ثري كالماء الذي تهادينا على صفحته.. هو مهرجان للوطن.. لمن رحلوا ولمن يسيرون على درب الوفاء.

** كلمة أخيرة:
تسمو الأحداث.. حين تكون لها رسالة