صدِّق طبعاً لماذا لا تصدق، كل شيء في رياضتنا قابل للتصديق، فلا وجود للمستحيلات إذا كنا نتكلم عن الفوضى والعشوائية والتخبط، كل شيء جائز وممكن، ويحدث على مشهد من الناس، وعلى عينك يا تاجر، فإذا سمعت مثلاً أن لجنة الحكام قامت بإبلاغ حكم دولي قرارها بسحب شارته الدولية قبل سفره بساعات لإدارة مباراة دولية في التصفيات الآسيوية المشتركة المؤهلة للمونديال وكأس العالم، صدِّق طبعاً وإياك أن تستغرب، فقد تجاوزنا مرحلة العجب.
يا له من تحفيز هائل حصل عليه الحكم الدولي سلطان المرزوقي قبل مغادرته في مهمة وطنية خارجية، وفيما يبدو أنه أسلوب جديد في علم الإدارة، قالوا له «سوف يتم سحب شارتك الدولية»، هكذا بمنتهى البساطة، وهي الشارة التي عمل طويلاً واجتهد كثيراً من أجل نيلها، لم تكن عطية أو منحة أو هبة، بل كانت نتاج عمل سنوات طوال استحق به أن يكون أحد حكام النخبة.
مساكين حكام كرة القدم، لا يعرفون من أين ستأتيهم المصيبة، ولا يجدون ملاذاً يأويهم، ولا ملجأ يحميهم، تنتقدهم الجماهير على أي صافرة نقداً يصل في الكثير من الأحيان إلى حد التجريح، يتحملون الألفاظ النابية والعبارات المسيئة القادمة من المدرجات، تهاجمهم إدارات الأندية في أوقات كثيرة لتغطي على فشلها وأخطائها الكارثية، كما أصبحوا مادة مثيرة ولقمة سائغة سهلة الالتهام، سواء في مواقع التواصل الاجتماعي أو عبر وسائل الإعلام.
أما اليوم، فهم يتعرضون للنيران الصديقة، والهجوم يأتيهم من الداخل، وتلك المظلة التي يستظلون بها لم تعد كذلك، فهم لطالما كانوا صابرين ومحتسبين ويتحملون كل الأذى الذي يأتيهم من الخارج، ولكن أن يكون من الداخل فهذا أقسى، ألم يقل طرفة بن العبد أن ظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند؟
كان الأحرى بلجنة الحكام أن تحافظ على مكتسبات حكامها، كان جديراً بها أن تحارب في سبيل حصولهم على حقوقهم، لا أن تتبرع طواعية وتسلبها منهم، إذاً ما هي الرسالة التي ستصل إلى معشر الحكام بعد هذا الإجراء القاسي؟ وهل سيشعرون بالاستقرار والأمان؟ لا بالطبع، سيعيشون في وجل وخوف ويترقبون كل يوم مصيراً كمصير سلطان.
من أين يلاقيها الحكم؟ من الإدارات أم من الجمهور أم من اللجنة الأم؟ تلك اللجنة التي فجأة ودون سابق إنذار، قد تسحب منه الشارة الدولية بقرار، لا يعرف لمن يلجأ ولا يعلم من يحميه، فحاله صار أشبه بالمستجير من الرمضاء بالنار.