إذا كانت الدراسة العلمية التي طرحها موقع التواصل الاجتماعي “بادو دوت كوم” كشفت أن الألمان الأقل مرحاً، والأميركان الأكثر مرحاً، حسب الدراسة التي أجريت لثلاثين ألف شخص من 15 دولة. والمرح عاطفة إنسانية، هي نقيض الكآبة، و”التكشيرة” في وجوه الآخرين، والإنسان بحاجة إليها، كحاجته إلى الطعام والكساء والمأوى. وقد دلت دراسات علمية طبية كثيرة على أن المبتسمين دائماً أقل عرضة لتجاعيد الوجه، كما هو معروف فإن الإنسان المكفهر دائماً ما يقطب الحاجبين، ويقضن الوجه، بحيث تصبح هذه التجاويف في الوجه سارية المفعول على مدار الأيام والفصول.
المهم في الأمر، إذا كان الألمان “يكشرون” ولا يفرجون الشفاه، وهم الشعب الذي صنع المجد الصناعي والاقتصادي والاجتماعي، حيث تعتبر ألمانيا من الدول الضاربة اقتصادياً، المتميزة صناعياً، إذا كان هؤلاء كذلك، فما مصير شعوب تفتقد الأرض بساطاً، والسماء لحافاً، وتقتات من الفتات، وأحياناً تنام على شحوم بطونها. شعوب العالم الثالث التي فرقتها الحروب، وأتعبها غضب الطبيعة، وأشقتها أنظمة حكم لعبت بالشعارات والعواطف، كما يلعب الأطفال بالدمى، شعوب لا تنال من حق الحياة غير الفاقع من الكلام المعسول، والمعتم من الأمنيات. فعندما نقرأ الواقع الإنساني، باستثناء دول الخليج العربية، وبعض من دول أوروبا، إضافة الى شطر شرق آسيا المزدهر، فإن العالم يغط تحت وطأة عدم المرح، ويعيش غزواً وحشياً للحزن والإحساس بالفقدان. فهذه قارتنا العجوز، أفريقيا، برغم ما تكتنزه من ثروات طبيعية هائلة، إلا أن أطفالها تتغذى على قذى عيونهم الذباب الكثيف، وينقلون الغبار بأقدام حافية مجافية للنظافة. أفريقيا التي قيل عنها إنها سلة غذاء العالم، وهي المنافسة الشرعية لكندا وأستراليا من حيث الثروات والمخزون الطبيعي لكل ما يجعل الحياة زاهية ومفرحة، تعيش دوماً تحت وطأة الحروب، وتمارس ضد نفسها التخلف وقبول الفقر كصديق لا يفارق وجنات اللواتي يحملن قِربْ الماء على رؤوسهن، سالكات طرقاً وعرة مستندات على إرادة حب البقاء ولو بأضلع تبرز في الصدر، وملابس يكفيها أن تستر العورة. أما أمنا آسيا فدولها المتطاحنة المتنافسة على النووي بخسائره وأثمانه الباهظة، فإن هذه الدول عاجزة عن توفير عيادة طبية تتلاءم مع حاجة الناس، أو مدرسة تعلم الصغار كيف يحافظون على نظافة عقولهم من التلوث السياسي، وشارع لا يغالب السيارات المتهالكة، ولو تعقبنا الآلام المستوطنة في هذه الأرض الشاسعة من العالم، فإننا النسبة المئوية المتدنية جداً من أرقام المرح التي يجب أن تكتسبها هذه الشعوب. الأمر الذي يجعلنا نعتب على الألمان هذا المرح الضليل، فمن مثلهم يجب أن يضحك كثيراً ويحزن أقل بكثير، لأنهم شعب يستحق المرح، ويستحق الفرح، ويستحق الحياة لأنهم يحققون للحياة السعيدة أدوات نجاحها وصلاحها وفلاحها.


marafea@emi.ae