لم تعد ساحة الشارقة الثقافية تبدع في مكانها المحلي، وإنما حلق الحلم الجميل ليقدم سنده ورعايته لكافة الساحات العربية. إنه الإيمان الكبير من راعي مسيرة الثقافة والفنون في الإمارات، والذي أينعت أشجاره ونبتت بأوفر الثمار بدءاً من التعليم الأكاديمي مروراً بالمسرح وأجناس الفنون الأخرى.
وعندما تكون الرؤية بهذه الطريقة الواسعة، فبالتأكيد سيكون النجاح من نتائجها، ولو أخذنا تجربة ملتقى السرد، الذي يحط الآن في العاصمة الأردنية عمّان، بعد تجارب سبقته في مصر والمغرب، وكانت ناجحة بكل المقاييس وتم خلالها مناقشة الكثير من الأوراق والموضوعات التي تهم الرواية والسرد عموماً، بل إن الدائرة الثقافية حققت العديد من الإنجازات في هذا المجال، بما يثبت أن ملتقى السرد، وهو التجربة العربية الأولى من نوعها، أصبح مركزاً للنهوض بواقع الرواية العربية إبداعياً ونقدياً، مما ينعكس على مدى ونجاعة الانتشار.
لقد ناقش المختصون والأكاديميون في منتدى السرد بدوراته، قضايا مهمة تتعلق بالرواية العربية، وهو اليوم يطرح عناوين جديدة مثل: الرواية التفاعلية وما يتعلّق بها، وما تثيره من أسئلة تتعلق ببنية السرد، والإضافة التي يمكن أن يضيفها هذا النوع الروائي للعملية الإبداعية ككل.
وذلك، بلا شك هو ثمرة للأفكار الرائدة والمبدعة التي يقدمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، والتي تتحقق الآن على أرض الواقع، سواء في القاهرة، أو الرباط، أو الآن في عمّان، وغداً في عواصم عربية أخرى.
من ساحة الثقافة أصل إلى عمَّان لأول مرة، بلد النشامى والعزّة العربية والثقافة العميقة، والتعليم المؤسس لنماذج جميلة ورائعة كانت عوناً في التدريس قديماً في الإمارات، بالإضافة إلى أحباب وأصدقاء أردنيين قدموا كل جهدهم وعملهم من أجل الثقافة في الإمارات، ونحن على يقين أن هذه الدورة سوف تكون ناجحة ومثمرة..
هذه الدورة السادسة عشرة من ملتقى الشارقة للسرد، عمر مديد ونشاط مستمر حافظ على مسيرته وطريقه دون تأخير، وقدم للثقافة والمثقف الكثير من الدراسات والأوراق التي تطور البناء السردي في مختلف الساحات العربية.. إنها مسيرة طويلة فاعلة ومؤثرة تماماً، كما أرادها صاحبها.