ليس هييرو الذي تولى المهمة قبل يومين من بداية المونديال، كما أنه ليس المدرب السابق لوبيتيجي الذي أقيل، وبالتأكيد ليس ريال مدريد، وليس الحارس دي خيا الذي كأن لم يكن حاضراً ذهنياً طوال البطولة، ولكنها منظومة متكاملة، لم تكن مقنعة وفوز يتيم على منتخب إيران مقابل 3 تعادلات ليست بالمعدل الجيد، وأمس الأول سقط الإسبان أمام المنتخب الروسي في الدور الثاني من المونديال بركلات الترجيح، فلم يكن الاستحواذ شبه التام على الكرة خلال فترات المباراة كافياً، ولا الترشيحات ولا الأسماء، كل ذلك لن يتذكره أحد، ولكن ما سيبقى هو أن ذلك المنتخب المخيف، أدركه الخريف، وبدأت أوراقه تتساقط، معلنة عن نهاية حقبة وخاتمة جيل. في عام 2008، وقبل انطلاق كأس أمم أوروبا في النمسا وسويسرا، كان كل ما تحتويه خزائن الاتحاد الإسباني لكرة القدم كأس واحدة عتيقة، عفا عليها الزمن يغطيها الغبار، تعود إلى أيام الأبيض والأسود، كانت هي كأس أمم أوروبا وحققها المنتخب الإسباني عام 1964، وبعدها سجل الأسبان غياباً تاماً، أصبح منتخباً أليفاً، وضيفاً خجولاً، حتى ظهر ذلك الجيل المرعب، والطوفان الجبار الذي اكتسح العالم، وخلال 4 سنوات حقق كأس أوروبا مرتين، وبينهما كأس العالم 2010. خلال تلك السنوات كان منتخب «لا روخا» هو المسيطر على مقدرات الكرة العالمية بلا منافس، كان جيلاً أسطورياً بمعنى الكلمة، لدرجة أن بعض الخبراء قالوا إنه أحد أعظم الفرق الوطنية في تاريخ كرة القدم، وبتشكيلة تتكون من أسماء على وزن كاسياس وبويول وتشافي وتشابي الونسو وديفيد فيا، فرناندو توريس، واليوم لم يتبق من ذلك الفريق سوى راموس وبيكيه وبوسكيتس وانيستا، وهذا الأخير أعلن اعتزاله رسمياً بعد الخروج أمام روسيا، وأعتقد أن البقية سيلحقونه ليضعوا حداً أخيراً لجيل رهيب، ليس له مثيل في تاريخ إسبانيا، ولا أتوقع أنه قابل للتكرار عما قريب. هكذا هي كرة القدم أجيال تسلم أجيالاً أخرى، ولكن تظل هناك علامات فارقة لا يمكن تجاوزها بسهولة، فهناك من يمر مرور الكرام، وهناك من ينقشون أسماءهم في مدونات التاريخ، ولم يتبق الكثير على نهاية الجيل الجميل في كرة القدم الإسبانية، أولئك الذين أعادوها إلى الأضواء، والذين حققوا خلال فترة زمنية قصيرة ما لم يحققه من سبقهم، وما قد يعجز عنه من سيأتي بعدهم، انتهى الجيل ولكنه سيبقى محفوظاً في ذاكرة وتاريخ كرة القدم.