«مروح» الجزيرة المحمية المنثورة بهدوء واسترخاء على مياه الخليج العربي على بعد حوالي مئة كيلومتر من الساحل الغربي لأبوظبي، سطعت في الأخبار مجدداً، لتروي فصلاً جديداً من فصول تاريخنا العريق ضارب الجذور في الزمن عميق الارتباط بالأرض والوطن، وذلك عندما كشفت تنقيبات علماء الآثار من دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي في الجزيرة عن أقدم قرية معروفة في الإمارات تعود إلى العصر الحجري الحديث قبل ما يقارب ثمانية آلاف عام، ليعيد الاكتشاف الأثري الجديد كتابة التاريخ من جديد عن هذه المنطقة. وهو الاكتشاف الذي أظهرت معه الاختبارات الجديدة للعلماء باستخدام الكربون المشع أن القرية تضم مباني تعود لتلك الحقبة، تتميز بحالتها الجيدة بذات الصورة التي استخدمها السكان الأوائل لمئات السنين. لقد حظيت جزيرة «مروح» باهتمام خاص من لدن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسموه يتابع عن كثب في مرحلة مبكرة جهود فريق جمعية الإمارات للتاريخ الطبيعي صيف عام 1990، والتي أشار فيها لما يتميز به موقع «مروح1» من أهمية أثرية محتملة حينها، ورفع الفريق تقريراً ثانياً بعد عامين متضمناً ملامح الرصد الأولي للكنوز التاريخية التي تتضمنها الجزيرة المحمية بما تضم من أوابد وشواهد وأشجار القرم. لقد قال سمو الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، معلقاً على الاكتشاف بأنه «إنجاز تاريخي للجهود العلمية الآثارية والحفريات في الإمارات، وفرصة للأجيال لتكوين صورة سردية أدق للحضارات الضاربة جذورها في هذه الأرض»، وهي رسالة من سموه لبذل المزيد من الاهتمام والجهود لتعريف هذه الأجيال بالماضي الثري للإمارات من خلال شواهد التاريخ ومزاعم مشوهي التاريخ ممن يعتقدون بأن هذه المنطقة طارئة، متناسين أنها منطقة تلاق وتواصل حضاري وتفاعل مع حضارات وثقافات العالم أجمع، وبالأخص حركة التجارة التي عُرفت بها منذ ما قبل الاكتشافات النفطية التي يريد البعض ربطنا بظهورها. أن جزر أبوظبي إجمالاً، وبالأخص مروح وصير بني ياس تعج بالكثير من الشواهد التي لا تقل شأناً وأهمية عن الاكتشافات الأثرية، وبما يتطلب المزيد من الجهد لعرضها أمام الأجيال والعالم قاطبة، ونحن نستضيف في المنطقة الثقافية من السعديات مجموعة من المتاحف العالمية تزيد الوجه الإنساني والجهد الحضاري للإمارات نوراً وبهاء.