تأتي الإجازات الصيفية، ويأتي معها السفر، ولكن لابد من الحساب والتحسّب والجمع والطرح كي تأتي الحسبة مضبوطة، فالسفر إن لم يكن للميسّرة أمورهم أو المخطط له قبل أشهر، فإنه يصبح نوعاً من السفر الذي بلا سبع فوائد، غير فوائد البنك، أقول هذا حين نعلم أن الشباب والأسر يتكبدون الديون البنكية وأعباءها من أجل أن يسافروا في إجازة صيفية، المهم السفر والإلحاح في السفر، ومن ثم يحلها ألف حلاّل. والسفر كله مكابدة، فإن سافرت وحدك دون أن تهز العائلة معك، وجب عليك إحضار ما هو مطلوب منك ككرم لربة الصون والعفاف وأولادها الأشاوس مما دوّنوه من طلبات في سجل قائمة كل منهم، وإن اختصرت الطريق عليهم ومنّيتهم برحلة الشتاء والصيف القادمين، كنوع من ذر الرماد في العيون أو تصبيرة إلى أن يفتح الله، ومن ثم فرج يا رسول الله، هنا ستضطر إلى إقناعهم بالرشوة، رشوتهم ببعض الهدايا الأوّلية قبل السفر، ثم رشوتهم من جديد بهدايا العودة، أما إذا نويت السفر معهم وبهم إلى أي بلد حتى ولو كانت الهند، فإن فوائد السفر ستزيد فائدة أخرى، لكن هذه المرة ليست إلى جيبك، إنما من جيبك، ومن ثم إلى صناديق البنوك الحديدية التي تفتح لك طاقة من السفَر أي النور، أو بطاقة ائتمانية للسفر، لكن حين تعود تتحول كل الطاقات والبطاقات إلى طاقتك الذاتية للدفع حتى الصيف المقبل. والسؤال الذي يفرض نفسه: هل ثمة إجازة بلا سفر؟ والجواب: ممكن ومعقول، إذا ما أطلقنا العنان لراحة البال والتأمل، وتغيير روتين الحياة بحياة جديدة أيام الإجازة التي نقضّيها في البلد، وجنب حمّالة الحطب، أم الولد.
في الإجازة بلا سفر يكون الصّحو على أقل من المهل، تتناول القهوة أو الشاي بالحليب بهدوء، ولم لا يكون حتى على السرير؟! تتصفح جريدة الصباح بتثاؤب كسول، وتتناول فطور الصباح على ريث وليس على عجل، حال الأيام الأول، قد تكون الفرصة مواتية ليوم حميمي مع أم العيال دونما ضجر الطلبات وقصة من نفخت ومن طبخت، ومن تطلقت، هو يوم ليس فيه يقظة مبكرة ولا اجتماعات صباحية ولا رنين للهواتف اليومية، هو يوم للتأمل، وبعضه للمشي والتمشي في الأسواق ذات النجوم الخمس المكيفة المرتبة، قد تظفر بوجبة غداء بسيطة على الطريقة الأوروبية، سلطة «نيسواز» مثلاً، يمكن أن تهرب من ساعات اليوم لمشاهدة فيلم جميل، وقد تتسوق بعض الأشياء الضرورية أو الثانوية، إذا ما أكلتك راحة يدك وأردت تفريغ بعض الشحن والتوتر، ونشدت الاسترخاء، قد تكون الفرصة أفضل لموعد مع صديق بعيداً عن رتابة العمل اليومي. هناك أشياء كثيرة يمكن أن تخترعها، وتقوم بها في اليوم، وفي الإجازة من دون سفر.. وغداً نكمل.